مساء في الوجه التي تلفظ وش (١) Ousch. استقبلنا عند نزولنا بعض الجنود الأتراك الذين كانوا حامية في هذا المكان البعيد. وكان أحدهم ، ويا للمفاجأة السعيدة ، يتحدث الفرنسية ، وكان يقول : إنه من إستانبول ، وربما كان أحد الجنود الفارين من جيشنا ، وسواء أكان فارا أم لا ، فإنه أبدى اهتماما كبيرا بنا ، وكان لطيفا كل اللطف ، وقدم لنا خدمات صغيرة متنوعة. قضيت الأمسية معه جالسين أمام القهوة ، وحولنا بالطبع بعض السكان الأصليين الذين يمكن بالتأكيد تفهم فضولهم الذي لم يكن على أية حال مزعجا.
إن رؤية أوروبي في هذه الأنحاء شيء نادر ، ولما وصلت أنباء وصولنا إلى بدو الجوار ؛ وهم أعراب من قبيلة بلي فإنهم حملوا إلينا أغذية من كل الأنواع ، البيض ، والخراف ، والحليب ، والسمك ، والخبز أيضا ، حتى إنه أصبح من السهل علينا أن ندعم مخزوننا من الطعام اللازم للرحلة ونجدده.
كان الجو لطيفا ، وكان البحر الذي استعاد هدوءه يأتي لتتكسر أمواجه على الساحل الرملي ، وكانت أسراب من النوارس تحلق فوق سطح البحر. تحتوي قرية الوجه على قصر يحمل الاسم نفسه ، يقع على بعد فرسخين أو ثلاثة فراسخ إلى الداخل / ١٠٠ / على طريق قافلة الحج المصرية الكبرى من القاهرة إلى مكة المكرمة ، وإذا صدقت الروايات ، فإن هناك إلى جهة الشمال البعيد ، على بعد خمسة أو ستة أيام من المسير ، وعلى بعد ١٤ يوما من العقبة ، على طريق قافلة أخرى ؛ هي قافلة دمشق ، آثار في غاية الروعة ؛ إنها مدائن صالح (٢) ؛ حيث ما زلنا نرى هناك منازل يبلغ عددها بين ٨٠ إلى ٩٠ منزلا ،
__________________
(١) انظر : رحلات في شبه الجزيرة العربية ، بوركهارت ، موثق سابقا ص ٣٩١. قال : إنها محطة توقف للحجيج اسمها الوجه (وتنطق أيضا الوش El ـ Ousch). وتسميتها الوش تأثر باللهجة المصرية.
(٢) تحدث عنها بالتفصيل هاري سنت جون فيلبي في كتابه : أرض الأنبياء ، مدائن صالح ، تعريب عمر الديراوي ، منشورات المكتبة الأهلية ، بيروت ، ١٩٦٢ م ؛ وانظر : مدائن صالح ، محمد عبد الحميد مرداد ، المكتبة الصغيرة ، ٢٩ ، د. ن. ، ط ٢ ، ١٣٩٩ ه / ١٩٧٧ م ؛ وانظر : شمال الحجاز ، أ. موسل ، نقله إلى –