اصطاده ، ولكننا لم نستطع الشراء منه ، لأنه كان يرفض نقودنا ، ويطلب ثمنا لبضاعته قمحا أو تبغا : ولم يكن لدينا على ظهر السفينة لا هذا ولا ذاك.
هناك عدد من المدن والقرى على ذلك الساحل ، من بينها الجار التي لم نستطع تبين ملامحها عند مرورنا ، إلا بمساعدة المنظار. وفي منطقة أعلى ، وإلى الداخل قليلا هناك مستورة ؛ وهي إحدى محطات قافلة الحج المصرية ، وإلى أقصى الجنوب هناك رابغ التي يلفظها بحارتناRabr والتي قضينا ليلة ٨ في موازاتها ، ولكن في عرض البحر بعيدا عنها ، أما الليلة السابقة فقد قضيناها على خط الاستواء وقد واجهنا في يوم ٩ كثيرا من الصخور المفتتة والشعاب المرجانية ، ولكل واحد منها اسم خاص : وأخطرها يسمّى ، إن لم يخني سمعي ، أم الحبلين (١). وكانت جزيرة غواط (٢) Ghaouat غير بعيدة عنا. ثم يأتي بعد ذلك رأس حطيبة. وبعد وقت قليل من تجاوزنا ذلك الرأس ، قابلنا سنبوكا على متنه جماعة من الدراويش العائدين من مكة المكرمة ، وكانوا يرفعون علما أخضر ، وهذا هو اللون المحبب لدى المسلمين ، والذي كان لون شعار محاكم التفتيش في إسبانيا. وعلى الرغم من خصوصيته الدينية ، وعلى الرغم من كوننا من غير المسلمين ، فإنهم حيّونا بصوت عال عند ما مروا بقربنا ، وكانت صيحاتهم تختلط بالموسيقي والأغاني التي كان يتردد صداها على سطح الماء / ١٢٠ / واستمر يتردد طوال الوقت الذي كنا فيه نسمعهم.
لم نلتق بكثير من المسافرين خلال الرحلة ، ومع أننا أبحرنا في بعض الأحيان مع سفن أخرى تمضي في الوجهة نفسها ، فإن سنبوكنا كان سريعا كل السرعة مما جعلنا نسبقهم دائما. كان هذا اليوم الأخير رائعا : أبحرنا في الساعة الثانية بعد منتصف الليل ، وقطعنا ما يقارب ٧٠ ميلا حتى الساعة الثامنة مساء ؛ وهي الساعة التي دخلنا فيها ميناء جدة. لم يحدث من قبل أن تم
__________________
(١) كتبها ديدييه Om el Hableijn وترجمها إلى الفرنسيةmer des deux Cordes أم الحبليين.
(٢) كتبت في الترجمة الإنكليزية لرحلة ديدييه ، موثق سابقا ، ص ٥٨Ghawat غواط.