العبور بهذه السرعة ؛ لأننا إذا استثنينا فترات التوقف الإرادية ، ورحلة سيناء ، فإن الرحلة من السويس إلى جدة لم تستغرق إلّا أحد عشر يوما ، ممّا يعني أننا كنا نبحر بسرعة ممتازة ، خصوصا إذا أخذنا في الحسبان أننا كنا نتوقف الليل كله. لا أود مغادرة البحر الأحمر ، دون الإشارة إلى أنه غني جدا بالأصداف التي تحتوي على أحجار كريمة ، وأننا نجد فيه ، وخصوصا في مياه جدة ، كثيرا من السمك الطيار الذي يسميه العرب : جراد البحر.
خالف الريس أنظمة الشرطة المحلية ، عند ما دخل ميناء جدة في الليل ، وهو لم يلجأ إلى هذه المخالفة إلّا لكي ننزل إلى اليابسة مبكرين. وقد عوقب على ذلك بالسجن ، وربما كان سيظل هناك عددا من الأيام ، لو لا أنني تدخلت لدى السلطات لإطلاق سراحه بعد توقيفه ببضع ساعات ، وقد كنت أشعر / ١٢١ / بالسعادة ، لأنني استطعت بهذه الخدمة البسيطة أن أرد إليه بعض سالف خدماته خلال الرحلة. وقد وزعنا بخشيشا مجزيا على أفراد الطاقم كلهم ، وعلى الريس أيضا ، مسددين بذلك ما لهم من دين في ذمتنا. قضينا تلك الليلة على متن السفينة أيضا ، وكان علينا في اليوم التالي أن ننتظر ساعة المد والجزر المناسبة لكي نغادر السنبوك. إن ميناء جدة مملوء بالأرصفة الرملية ، ومياهه ضحلة حتى إنه ينبغي على السفن أن ترسو على بعد ٢ إلى ٣ أميال عن الشاطىء ، وقد كانت هناك في قنوات الملاحة سفينة ذات ثلاث صوار جانحة ، تقبع هناك شاهدا يثير القلق ، ويدل على الأخطار التي يتعرض لها من يخاطرون بدخول الميناء. جاء مركب مسطح ليحملنا من السنبوك إلى اليابسة ، وكان هذا المركب نفسه مجبرا على القيام بالتفافات كبيرة حتى لا يغوص في الرمال ، ومع ذلك فإنه اصطدم غير مرة بقاع البحر. ولكننا ، على الرغم من ذلك ، وصلنا أصحاء سالمين ، ولكن في الساعة التاسعة ، إلى رصيف الجمارك الواقع غير بعيد عن حصن ، هو في حالة سيئة ، ولكنه يثير الإعجاب ، ويحتل موقعا متقدما في البحر.