يرون في القصة شاهدا على حظر تعدد الزوجات ، وإنما يرونها دليلا قاطعا على أنه ليس من قوانين الكون أن يكون للمرء امرأة واحدة.
لقد حافظت النساء على مستوى والدتهن ، وظللن جديرات بتراثها على كل المستويات ، ولكن قامتهن أصبحت أكثر قصرا : لأن طول قبرها ليس أقل من ٦٠ مترا (١) ؛ ويرتفع فوقه مسجد صغير تعلوه قبة بيضاء (٢). وتبدو بالطبع كل المدافن الأخرى كئيبة إزاء هذه : بيد أن مدفن عثمان باشا وأسرته يثير
__________________
(١) كذا في الأصل ولعل الصواب : ٦ أمتار.
(٢) تحدث بيرتون في رحلته عن قبر خارج مدينة جدة يعرف باسم «قبر أمنا حواء» وقدم له رسما تصويريا وقال إن المسافة بين الرأس والقدمين هي نحو ست خطوات.
انظر : التراث الشعبي ... ، موثق سابقا ، ص ٥١ ـ ٥٢. ويورد عبد القدوس الأنصاري غير رأي عن قبر حوا عند ما يتحدث عن اسم (جدة) ، وهو يذهب إلى القول إنها بضم الجيم لا كسرها ، وهو يدفع قول ابن المجاور الدمشقي الذي يقول إن الاسم هو (جدة) بكسر الجيم ، لأن أمنا حواء جدة البشر مدفونة فيها ، ويقول إن هذه الرواية أسطورية ولا يعقل أن يكون قبرها معروفا حتى اليوم. ويورد الأنصاري ما قاله ابن جبير من أن القبة التي على القبر كانت منزلا لحواء عند ما توجهت إلى مكة ، وما قاله البتنوني من أن موضع القبر كان هيكلا عبدته قضاعة في الجاهلية. ويذكر أن عون الرفيق شريف مكة ـ كما ذكر البتنوني ـ حاول هدم القبة ، لكن قناصل الدول في جدة تفاهموا معه وديا على عدم هدمها لأن حواء ليست أم المسلمين وحدهم وإنما هي أم الناس جميعا. ثم ذكر الأنصاري أن القبة هدمت عند ما دخلت الحكومة العربية السعودية جدة. انظر : موسوعة مدينة جدة ، عبد القدوس الأنصاري ، مج ١ ، ط ٤ ، القاهرة ، ١٩٨٢ م ، ص ٤٧ ـ ٤٩. وكتاب : التراث الشعبي ... ، موثق سابقا ، ص ٥٩ ـ ٦٠. ويذكر سنوك هورخرونيه أن الحجاج يزورون قبر أمنا حواء ، الذي يبلغ طوله بضع ياردات ، صفحات من تاريخ مكة المكرمة ، موثق سابقا ، ج ٢ ، ص ٣٣٦. وذكر بوركهارت في رحلاته ... ، موثق سابقا ، ص ٢٥ : «... وعلى بعد ميلين شمالي جدة يمكن مشاهدة قبر حواء «أم البشر» وقد أخبرت أنه مبني من الحجارة بناء بدائيا ، وطوله حوالي أربعة أقدام ، وارتفاعه قدمان أو ثلاثة أقدام ، وعرضه مثل ذلك ، وبهذا فهو يشبه قبر نوح في وادي البقاع في الشام».