الإعجاب. وليس للقبور أي زينة خارجية إلّا شاهدتان مستقيمتان منتصبتان ، إحداهما عند الرأس والأخرى عند القدمين ؛ ولكن كثيرا منها تظلله أشجار النخيل ، أو أشجار الصبار (١) ، وجنبيات خضراء تسبغ على مكان الموت هذا ، هيئة زاهية. وكان هناك غير بعيد عدد من الشباب الهنود يلعبون بالراحية (ضرب من لعبة التنس) بمهارة فائقة وفرح غير عابئين بمن في جوارهم.
إن الموت لا يخيف المسلمين ؛ وهم في هذا مسيحيون ، أكثر من المسيحيين أنفسهم ، إن الطابع المأساوي الذي نسبغه ، نحن المسيحيين ، على الموت مخالفين / ١٣٣ / بذلك عقيدتنا الأصلية ، التي ترى في الموت خلاصا ، هو باب للعبور إلى الخلود الأبدي.
يذهب أقرباء الميتين وأصدقاؤهم في بعض أيام الأسبوع ، وخصوصا الجمعة ، الذي هو عند المسلمين بمثابة يوم الأحد لدى المسيحيين ، إلى المقابر ، ليس للبكاء أو الصلاة عليهم ، وإنما للتحدث مع الغائبين وكأنهم موجودون ، ولكي يتناولوا حول قبورهم وجبات خفيفة شهية بعيدا عن جو المقابر الكئيب (٢). وإن النساء على الخصوص هن الحريصات على القيام بذلك ، لأنه يسمح لهن كل أسبوع باقتناص بعض ساعات الحرية التي يستغللنها أحسن استغلال. إن مقابر إستانبول هي مكان التقاء ومواعيد ، وتحرص النساء التركيات من ذوات الغنى والنسب على زيارتها كل يوم جمعة ؛ ومع أنهن محجبات ، فإنهن يظهرن من أنوثتهن ما يسلب ألباب المارة. وإذا كان مظهر
__________________
(١) لاحظ بيرتون نمو شجيرات الصبار بين الطوب والحجارة ، وذكر أن شجر الصبار يزرع في المقبرة كتعويذة ضد الأرواح الشريرة كما تعلق جلود التماسيح المحشوة بالتبن فوق المنازل في مصر. وقد عزا بوركهارت زراعة هذه الشجيرات إلى اسمها الذي يشير إلى «الصبر» الذي ينتظر به المؤمن يوم القيامة. التراث الشعبي ... ، موثق سابقا ، ص ٤٨.
(٢) تحدث سنوك هورخرونيه عن زيارة القبور في صفحات من تاريخ مكة المكرمة ، موثق سابقا ، ج ٢ ، ص ٣٧٢ ـ ٣٧٤. وانظر كتاب : التراث الشعبي ... ، موثق سابقا ، ص ٦٧ ـ ٦٩ ، و ٢١٦ ـ ٢١٧.