من رأسها إلى قدميها ؛ ولم تكن ترتدي أي شيء تحته ، كان ذلك كل ما ترتديه ، ولم يكن الراغبون فيها ، جادين كانوا أم لا ، يتورعون عن رفع ذلك الغطاء الرقيق من كل الاتجاهات ليتفحصوا ، كما يرغبون ، السلعة المعروضة كما يحدث عند شراء حصان أو رأس من الماشية. سبق لي أن رأيت في القاهرة ، وفي عدد من المرات / ١٤٠ / عروضا مشابهة ، وتساءلت غالبا عمّا تشعر به هذه المخلوقات ، وعن التناوب الذي يعتريهم بين الخوف والأمل كلما جاء قادم جديد يرغب في شرائهن.
كان الجلّاب (تاجر الرقيق) يرغب كل الرغبة في بيعي تلك الجارية ؛ مع أنه يعلم أنه لا يمكن للفرنسيين شراء العبيد إلّا لتحريرهم ، وأن كل عبد يشترونه يصبح حرا بمجرد أن تتم عملية الشراء. كان يطلب من أبناء جلدته ١٥٠٠ فرنك ثمنا لها (١٢ صرة) ، وقد خفض السعر إلى (ثماني صرر) لكي يغريني بشرائها. وقد جال بخاطري للحظة أن أقوم بعمل صالح ، ولكنني للأسف اتبعت وصية الدبلوماسي الذي كان ينصح بالاحتراس من المبادرات الأولية لأنها مبادرات خيّرة ، وقلت في نفسي ، وأنا محق في ذلك ، إنني إن شرعت بشراء العبيد فإن الأموال المخصصة لرحلتي ستنفد عما قريب. لقد كان رفيق رحلتي من ناحيته يفكر بما كنت أفكر به ، ولكن هدفه كان أقل نبلا مما كنت أفكر فيه : إنه الإحسان النفعي! Carita ? Pelosa كما يقول الإيطاليون. وسواء كان خيرا أم شرا فإن مشروعه ومشروعي ظلا في حيز التفكير ، وبيعت الشابة الإفريقية ، لست أدري لمن. أين هي الآن ، وفي يد من وقعت؟
إن الرق بالتأكيد تعسف يبعث على الثورة ؛ إنه يحط من الطبيعة البشرية ، وينتج عنه آلاف التجاوزات. ولكنّه ينبغي الاعتراف أن مصير أولئك الحبشيات ليس محزنا كما يبدو / ١٤١ / من النظرة الأولى. ولما كنّ صائرات
__________________
ـ (قماش قطني خشن يصنع أصلا في مدينة كاليكوت على شاطىء مالابار). وفي معجم روبير الصغير أن تاءها لا تلفظ ؛ وقد كتبناها حسب ذلك.