حافة الموت ، وقد مات منذ ذلك الحين ، وستتاح لي في الصفحات القادمة فرصة الحديث عنه. أما القنصل أو نائب القنصل البريطاني فهو كول.M Cole ، وهو في الوقت نفسه ، شأنه شأن زميله في السويس ، وكيل تجاري لشركة الهند الشرقية. وإن وظيفته ليست وظيفة بلا عمل بسبب العدد الكبير من الهنود الذين هم مواطنون بريطانيون ويقيمون في جدة. ولا نستطيع أن نقول : الشيء نفسه عن زميله الفرنسي الذي ليس له في الحجاز كله مواطن واحد. ولعله من المفيد أن نعلم أن الباب العالي العثماني يمتنع عن قبول اعتماد القناصل بحجة أن جدة مدينة مقدسة. كان سكننا ملاصقا لسكن السيد كول ، وكنت أقضي في منزله وقتا يساوي الوقت الذي كنت أقضيه في سكني. لقد حملت إليه رسالة من صديق مشترك هو السيد بيرتون ، وقد أسدى لي طوال مدة إقامتي في جدة خدمات جليلة.
لم نأت إلى جدة لأجل رؤية جدة نفسها ، ولكن بنيّة الذهاب إلى الطائف ؛ وهي مدينة صغيرة تبعد مسيرة خمسة أيام إلى الداخل ؛ وهي مشهورة في الجزيرة العربية بغزارة / ١٤٥ / مياهها ، وجودة ثمارها ، وخضرة بساتينها. وهي دار إقامة الشريف الأكبر ؛ أمير مكة المكرمة الذي بنى فيها
__________________
ـ ٣٣٨ : «... وقام فرنسي آخر يدعى روشيه دي هيريكور (ديريكور) برحلة على نفقته الخاصة لارتياد مملكة خوا في القسم الجنوبي من بلاد الحبشة. ولدى عودته ، قدرت الجمعية العلمية الفرنسية أنه بإمكانه القيام بعمل مثمر ، فيما إذا امتلك أدوات علمية ، فقدمت إليه أجهزة دقيقة ، وعلمته استعمالها ، وأرسلته في رحلة ثانية سنة ١٨٤٢ م فعاد منها بعدد وافر من المعلومات في مختلف نواحي المعرفة تتعلق ببلاد الحبشة بنوع خاص. ومع هذا ، لا تخلو رحلته ، ومروره بالقصير ، وجدة ، والحديدة ، والمخا من المعلومات الشائقة ، إذ كان قد طرأ تبدل عظيم في شؤون البحر الأحمر ما بين سنتي ١٨٣٩ ـ ١٨٤٢ م وذلك بتأثير الظروف السياسية الدولية».
وانظر ص ٣٤٠ ـ ٣٤١ من كتاب : اكتشاف ... ، موثق سابقا. وسيتحدث ديدييه بالتفصيل عن روشيه ديريكور في الفصل الثالث عشر المعنون ب «مغادرة جدة» ص ٣٠٦ ـ ٣٠٩ من الأصل الفرنسي ، وذكر أنه توفي في ٩ مارس (آذار) ١٨٥٤ م.