نسخة مقلدة من الزي الغربي ؛ وينبغي على كل الموظفين ، عسكريين أو مدنيين ، الالتزام بارتداء ذلك الزي. ونجد صعوبة في اعتياد رؤية الشيوخ العثمانيين الكلاسيكيين ، وخصوصا الباشا ، وهم يرتدون تلك القلنسوة الحمراء الشنيعة ، وذلك البنطال الضيق ، وذلك المعطف الضيق ؛ وكل ذلك يمثل الآن الزي الرسمي.
إنهم متنكرون بزي الأوروبيين ، كما كنا في طفولتنا نتنكر بزي التركي ، وقد خسروا بهذا التحول بنسبة ٩٠%. لقد كان الزي القديم باتساعه وهيبته / ١٥٥ / يظهر تميزهم ؛ وكان فيه نوع من النبل والجمال ؛ وهو خال من تلك الزينة المستعارة ، ومتناسب مع جوهر شخصهم ، إنهم اليوم يبدون على حقيقتهم ، في غاية القبح عموما ، بدناء قبل الأوان ، وإن سوء مظهرهم لا يقل عن سوء مخبرهم. وإن المثل المأثور : قوي كالتركي ، لم يعد صحيحا.
لقد احتفظ باشا مصر بمصالح ضخمة في الحجاز منذ حرب الوهابيين ، وهو يرسل إلى جدة للسهر على تلك المصالح قائما بالأعمال ، كان إبّان زيارتي هو أمين بيك ، كولونيل سابق في سلاح المدفعية ، رجل حاذق ، ومؤدب ، عارف بكثير من الأمور ، ومنها التجارة ، أفادني بقدر ما كان لطيفا معي. عيّنه محمد علي ، وأبقاه عباس في مصنبه ، على الرغم منه ، لأن مناخ جدة أتلف صحته ، وكان يطلب بإلحاح أن يتم استدعاؤه إلى القاهرة. علمت منه أن الباب العالي لا يجني أي فائدة من سيطرته على الجزيرة العربية ، بل يبدد فيها كل سنة قسما كبيرا ، ٢٩ أو ٣٠ ألف صرة ، من الضريبة التي تدفعها مصر لإستانبول ؛ كان أمين بيك على علم تام بهذا الخصوص ، باعتبار أن تلك الأموال تصرف بمعرفته. وإذا صدقناه فإنه كان لعباس باشا في مكة أنصار. وأجهل إن كان هذا الأمر صحيحا ؛ ولكن ما علمته / ١٥٦ / من مصدر موثوق به أن عباس باشا يداهن بدو سيناء والحدود السورية ، لأنه يرغب أن يكون ابنه الذي كان متزوجا بإحدى بنات السلطان ، أو أنها كانت مخطوبة له ، والي
__________________
ـ ١٨٣٩ م) وأهم أعماله أنه قضى على الانكشارية عام ١٨٢٦ م.