كثير من سلامة الطوية ، واتخذت القرار الوحيد الحكيم باللجوء مباشرة إلى الشريف.
لقد أحس الباشا بالمهانة من جراء هذا الاختيار ، مع أنه أزال حيرته ، وأزاح عن كاهله عبء أي مسؤولية. وحرص كل الحرص ، وهو / ١٥٩ / التركي الأصيل ، ألا يظهر لي شيئا من ذلك ، وخصوصا أنه كان مشغولا بأمر أكثر خطورة من ذلك بكثير : لقد كانت تنتشر في جدة شائعة إقالته من منصبه ، وعلمت من مصدر موثوق به أن ذلك صحيح.
كان ديوان أمين بيك يقع على مقربة من البحر ، يفصله عن ديوان الحاكم ساحة كبيرة حارّه ومغبّرة ، كانت تعسكر فيها حينئذ شبه فرقة من المتطوعين ، وإليكم حكايتها : كان في جدة تاجر هندي ولد في كابول ، وكان يتوق منذ بداية الحرب الأخيرة إلى أن يؤدي دورا فيها ، وقد جمع خلال سعيه لتحقيق ذلك كل ثروته ، ولما ألقى عنه ثوب التجارة الرث ، وتحول بشجاعة من عبادة إله النقود إلى عبادة إله الحرب ، بدأ على حسابه الخاص ، بتطويع مواطنيه ، متسولين كانوا أم غير ذلك ، فاستسلم هؤلاء لإغراء العمل ، وانضم إلى هؤلاء المتطوعين الأوائل متطوعون آخرون كانوا راغبين في ذلك ، وكان اسم هذا المرتزق من النوع الجديد أحمد ـ بيك ، وقد انضوى تحت لوائه ألفا رجل ، يعلم الله وحده كيف تم تسليحهم ، ولم يكونوا ينتظرون للانطلاق إلا المراكب المخصصة لنقلهم عبر مصر إلى ساحة الحرب. كان هذا الكابتن المغامر يسكن قريبا من سكني ، وكنت أذهب بدافع الفضول لرؤيته ، ووجدت أن هيئته هيئة رجل حرب أكثر منها هيئة تاجر ترك التجارة ، كان يلبس برنسا أحمر ، وكان حزامه مملوء بترسانة كاملة من الأسلحة ، يطقان (سيف تركي محدب) / ١٦٠ / سيف ، مسدسات وكل ما يلزم ذلك. وقيادته تتكون من جماعة من الناس المتشردين ، يلبس أغلبهم أسمالا بالية ، وكان يتردد من منزله ليل نهار صدر الاحتفالات العسكرية التي يصاحبها أصوات طلقات البنادق.
لم يعد في جدة مسيحيون باستثناء الإخوة ساوةSawa ، وهم من الجزر اليونانية ، انضووا فرديا تحت حماية القنصل الفرنسي ، في حين أن مصالحهم