ولكن الأمور بهذا المنظور لم تكن تتم بشكل أكثر سوءا مما كانت عليه في الأنظمة الملكية الأوروبية في العصر نفسه ، ناهيك عن الملكيات الأخرى.
لقد فقد ذوو بركات نفوذهم في القرن الثامن عشر الميلادي ، ووجدوا أنفسهم بعد نضال طويل مجبرين على التخلي عن الشرافة لذوي زيد (١) الذين لم يتخلوا عنها حتى اليوم. وقد هاجر بعض من ذوي بركات إلى اليمن ، وتفرق الآخرون في أودية مختلفة من الحجاز.
تولى مساعد الشرافة لمدة عشرين عاما من عام ١٧٥٠ م إلى عام ١٧٧٠ م ، ومساعد هو جد آخر شريف ، وأول أو واحد من أوائل أمراء السلالة الجديدة (٢) ، وكان عليه أن يناضل على الدوام ، لمواجهة الاضطرابات التي يثيرها الأشراف الذين أكسبتهم الاضطرابات السابقة طبعا متمردا ؛ ولكنه لم ينجح إلّا فيما ندر بالتغلب عليهم ، وآلت الشرافة بعد موته ، إلى حسين الذي كان أحد أقربائه ، ولكنه كان في كل مناسبة أحد أشد مناوئيه. وقد قتل حسين (٣) في أثناء حرب ضد أحد أبناء مساعد واسمه سرور الذي خلفه في الشرافة عام ١٧٧٣ م. يمكن مقارنة ما قام به سرور في الحجاز بما قام به لويس
__________________
(١) الشريف زيد بن حسن يعود نسبه إلى محمد أبي نمي حكم بين (١٠٤٠ ـ ١٠٧٧ ه / ١٦٣١ / ١٦٦٦ م) ، ولد في الجنوب بوادي بيشه ، وأمضى معظم شبابه هناك ، فقد كان أبوه يعيش في منفاه الاختياري هناك. كان ذا جسم قوي يشبه «قتادة» ، وكان يرى أن الرقابة الأجنبية عشب ضار ، لا بد من استئصاله ، وكان يكره الأتراك. انظر : صفحات من تاريخ مكة المكرمة ، موثق سابقا ، ج ١ ، ص ٢٢٧ وما بعدها ص ٢٣٥. وقد فقد ذوو زيد السلطة في عام ١٠٨٣ ه / ١٦٧٢ م واستعادوها في عام ١١٧٣ ه / ١٧٦٠ م وطردوا إلى الأبد ذوي بركات عن المسرح السياسي وأشهر أشراف ذوي زيد هما سرور وغالب ابنا مساعد. انظر المرجع السابق ، ج ١ ، ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، ٢٥٠.
(٢) يعني ذوي زيد ، انظر شجرة النسب الثالثة في كتاب : صفحات من تاريخ مكة المكرمة ، موثق سابقا ، ج ٢ ، ص ٦٥٣.
(٣) حكم حسين بعد موت مساعد (١٧٦٩ أو ١٧٧٠ م) إلى عام (١٧٧٣ أو ١٧٧٤ م) وقتل حسين في أثناء حرب نشبت بينه وبين الشريف سرور بن مساعد.