الحادي عشر (١) Louis XI أو ريشيليو (٢) Richelieu في فرنسا. لقد حطم سرور صلافة الأشراف ، وفي بعض الأحيان رؤوسهم ، وجعلهم يعيشون كبقية الناس. وكان ممّا جرّأهم على التمرد الدائم والعنف ، أنهم كانوا متأكدين من أنهم لن يعاقبوا عليه ، لقد كانوا يشعرون بسبب ضعف بعض الأمراء ، أنهم فوق القوانين ، وأصبح تهورهم بلا حدود. لقد أوجدوا لأنفسهم / ١٧٢ / موارد مادية جديدة ، لم تكن مألوفة في مكة المكرمة ، وادعوا بغير وجه حق أن لهم حقوقا مبالغا فيها ، مما شكل عبئا على السكان ؛ ناهيك عن أنهم كانوا يبتزّون منهم أموالا طائلة ، وكذلك من الحجاج الأجانب ، ولم يكن لديهم أي رادع يمنعهم من سلب القوافل ؛ كما كان النبلاء الأوروبيون يسلبون التجار والمسافرين في القرون الوسطى. كانوا ، شأنهم شأن نبلاء أوروبا ، يمتلكون في منازلهم التي تحولت إلى قلاع ، حاميات عسكرية مؤلفة في معظمها من العبيد السود المدججين بالسلاح ، يدعمهم البدو المخلصون لأسرتهم. لقد قضى سرور على دابر الفساد المستشري ، الذي يخالف العدالة ، ويعارض المساواة. ووقف الأشراف في وجهه بالقوة ، ولكنهم هزموا هذه المرة : فقتل أشراف كثيرون في الحرب ، بينما تم إعدام آخرين ، وجلا الآخرون ، وحل النظام والسكينة في المدينة ، بعد خروجهم منها. لقد نجح سرور في مشروعه الصعب بفضل حيوية طبعه ، ومساعدة سواد الناس من أهل مكة الذين كانوا إبّان فترة طويلة مضطهدين بنظام الأشراف الإقطاعي الذي لا يقف عند حد (٣).
__________________
(١) لويس الحادي عشر (١٤٢٣ ـ ١٤٨٣ م) ؛ ملك فرنسا من عام (١٤٦١ ـ ١٤٨٣ م) عمل على تقوية فرنسا وتوحيدها بعد حرب الأعوام المئة.
(٢) Richelieu ,Armand Jean ـ du Plessis ريشيليو ، أرمان جان دو بليسيس (١٥٨٥ ـ ١٦٤٢ م) : كاردينال وسياسي فرنسي كبير وزراء لويس الثالث عشر ، والحاكم الفعلي لفرنسا (١٦٢٤ ـ ١٦٤٢ م).
(٣) انظر : رحلات بوركهارت ... ، موثق سابقا ، ص ٢٠٤ ـ ٢٠٥. وقد حكم الشريف سرور من (١٧٧٣ ـ ١٧٨٨ م / ١١٨٦ ـ ١٢٠٢ ه). أما غالب فحكم من (١٧٨٨ ـ ١٨١٣ م / ١٢٠٢ ـ ١٢٢٨ ه). انظر : صفحات من تاريخ مكة المكرمة ، موقف ـ