نفسه ؛ فقد كان يملك ألفي رأس من الخيل الأصيلة النادرة الأنساب في نجد ، وكان ثمن بعضها باهظا ؛ شأن تلك الفرس التي دفع ثمنها ما يقارب ١٥ ألف فرنك ، وكان لديه أيضا كثير من الإبل النجيبة التي تتمتع بسرعة عجيبة (١).
وكان من اليسير على كل الناس أن يدخلوا عليه ، وكان بيته على الدوام يعج بالشيوخ ، والبدو العاديين ، الذين يأتون إليه يستشيرونه في أمورهم ، فيأكلون كما لو أنهم في بيوتهم ، وكان الجميع ، حتى أفقرهم حالا ، يحدثونه بحرية لا تتجاوز حدود اللياقة ، ويحيونه باسمه ، ويأخذون يده ، ويطلقون عليه لقب «أبو شوارب» (٢) ، لأن له شاربين كبيرين. كان لطيفا في تصرفاته ، ويرغب في أن يظل الناس جالسين عند ما يظهر إليهم. وكان متأنيا في النصح ، ماهرا وحازما في تصريف الأمور ، وكان يقيم العدل بين الناس بتجرد وموضوعية ، لا يعرف الانحياز إليهما سبيلا. ومع ذلك فإنه نادرا ما كان يصدر حكما بالإعدام. وكان هناك عقوبة يخشاها المجرمون أكثر من الموت وهي أن يأمر الزعيم الوهابي بحلق لحاهم.
كان ، وهو الصادق الوفي بوعده ، يمقت الكذب ، ويأمر في بعض الأحيان بجلد الكذابين ؛ ولكنه كان يرغب / ١٨٦ / في أن يبادر الحاضرون إلى تهدئة روعه عند ما يأخذه الغضب ، وكان يشكر ذلك لمن يقوم به. كان فصيحا ومتمكنا من التراث الإسلامي ، شأنه شأن صفوة العلماء ، ويحب الخوض في نقاشات دينية ، ويدافع عن رأيه بحماسة ، ويسمح لخصومه بالقيام بالشيء نفسه ، وكان عند ما ينتهي النقاش يختمه بجملة جوهرية «الله أعلم» ويعلم الحاضرون عادة أن هذه الجملة إيذان بإنهاء الحوار [...].
__________________
(١) انظر : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ٣٧ ـ ٣٨. وينقل الدكتور العثيمين عن ابن بشر قوله في : عنوان المجد ، ج ١ ، ص ٢٣١ : «إن سعودا ملك من الخيل العتاق ألفا وأربع مئة فرس».
(٢) انظر : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ٣١ ؛ يقول : «... وكانت لحيته أطول مما يشاهد بين البدو بصفة عامة ، كما كان الشعر الذي حول فمه كثيرا لدرجة أن اسمه لدى أهل الدرعية «أبو الشوارب».