كانت هذه الضرائب المختلفة تبدو للبدو كثيرة ، وهم الذين اعتادوا ألّا يدفعوا أي ضرائب ، ولكنهم مع ذلك كانوا يدفعونها لأنهم يرونها تستخدم بإخلاص لمصلحة الجميع. لقد كانوا يدفعون فضلا عن ذلك ضريبة خاصة مخصصة بكاملها لأعمال الخير ، حسب ما نظم النبي صلىاللهعليهوسلم مقاديرها ، وتسمى تلك الضريبة الزكاة ، ولها طبيعة دينية ، ولا يجرؤ أحد من الوهابيين أن يمتنع عن أدائها أو يشكو منها ، وإلّا يعد من أشرار المسلمين.
لم يقبل البدو بسهولة أداء واجب الخدمة العسكرية التي فرضت عليهم أعباء ثقيلة ، وأجبرتهم على تنقلات كثيرة. لقد كانت الخدمة العسكرية / ١٨٨ / تجنيدا حقيقيا ، ما عدا الاقتراع الذي يطبق عند ما لا يكون هناك استنفار عام ؛ إذ كان بالإمكان تقديم بديل عن المطلوب للخدمة. لقد كان يترك للجنود قسم كبير من الغنائم التي يكسبونها من الأعداء ، والتي كانت تقسّم حسب قانون يطبق بدقة. وكانت تلك الغنائم في غالب الأحيان كثيرة ؛ لأن الحروب لم تكن في واقع الأمر إلّا غزوات ضخمة تطال أكثر القبائل قطعانا. كان سعود هو الذي يخطط لتلك الغزوات ، ويقودها هو أو أبناؤه بكفاءة نادرة ، وكانت في غالب الأحيان غزوات ظافرة [...].
لقد كان هناك عدد كبير من القوات يحارب على ظهور الهجن ، وقلة على الخيل ، والكثرة الكاثرة مشيا على الأقدام. وكان كل واحد من أولئك يعود بعد الحرب إلى بيته ، ولا يبقى على أهبة الاستعداد بصفة قوات نظامية إلّا حراس شخصيون يتكونون من أشجع الجنود ، وأكثرهم حنكة ، والذين كان سعود يستبقيهم لديه في الدرعية.
كانت القبائل الحضرية في نجد هي المبادرة في الخضوع للسلطة الدينية السياسية لعبد العزيز ولابنه سعود الذي وصل بغزواته عبر اليمن إلى مسقط ، وقاد جيشه الظافر حتى أبواب / ١٨٩ / البصرة وبغداد وحلب ، وحتى أبواب دمشق. ولكنه لم يكن أبدا يفكر في مدّ نفوذه خارج حدود الجزيرة العربية (١).
__________________
(١) يكرر هنا ديدييه ما ذكره بوركهارت في : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ٦٨ ، ويعلق ـ