أمّا غزواته ناحية الفرات ولبنان (كذا ، وربما يقصد سورية) فلم تكن إلّا غارات سريعة يقوم بها للحصول على الغنائم لزيادة مكاسبه ومكاسب جنوده. وإن تلك البلاد ، أعني العراق وسورية ، تابعة تبعية مباشرة للأتراك الذين يعدهم هراطقة ، وإن في تلك البلاد كل الأسباب التي تدعوه لكراهيتها ، وكل ما فيها يجعل غاراته عليها مسوغة. لقد انتهى الأمر بباشا بغداد إلى التأثر بتلك الغارات ، وسيّر في عام ١٧٩٧ م لمحاربة الوهابيين المخوفين حملة لم تحرز أي نجاح ، ولم تزد على أنها دعّمت الازدراء والبغضاء اللذين يكنهما الوهابيون للعثمانيين.
أما باشا دمشق فقد كان بصدد تهيئة حملة لإبادتهم ، ولكن تلك الحملة ظلت فكرة ، ولم تخرج إلى حيز التنفيذ. وقد كان الوهابيون أقل حظا في منطقة الخليج العربي (١) حيث كان لهم ميناء اسمه رأس الخيمة ، دمره الأسطول البريطاني في عام ١٨٠٩ م لمعاقبة السكان على عدد من أعمال القرصنة التي تعرضت لها في الخليج سفن التجارة البريطانية (٢).
وكان سعود حينئذ قد أبطل الدعاء للسلطان العثماني على المنابر في الصلوات العامة ، مما يعني أنه أعلن التمرد الذي يعادل إعلان الحرب.
كان أكثر جيران سعود شعورا بالتهديد هو الشريف غالب بلا ريب الذي كان حينئذ يحكم الحجاز ، وقد كانت الأراضي التي تخضع لسلطته تتصل
__________________
ـ الدكتور العثيمين بقوله : «الرسائل التي وجهها سعود إلى والي دمشق توضح أنه كان يرغب في الاستيلاء على بلاد الشام. انظر : تاريخ البلاد العربية السعودية : عهد سعود الكبير لمنير العجلاني ، د. ن ، د. ت ، ص ٦٦ ـ ٦٨.
(١) في الأصل : الخليج الفارسي. لكن الشواهد تؤيد تسميته بالعربي. ولذا ترجم ، هنا ، بالعربي : انظر : مواد لتاريخ الوهابيين ، موثق سابقا ، ص ٨٣.
(٢) انظر : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ١٠١ ـ ١٠٢. وعلق الدكتور العثيمين فقال : «يصف الغربيون دائما الآخرين بالقرصنة إذا هاجموا سفنهم مهما كانت الدوافع لذلك. ومعروف أن القواسم كانوا يهاجمون سفن أعدائهم لا قرصنة وإنما جهادا ودفاعا عن المصالح الوطنية».