بأراضي / ١٩٠ / الأمير الجديد. وقد قام هذا الأخير بعدد من التوسعات ، وكان يخشى من توسعات أكثر خطورة في المستقبل.
لقد كان غالب المذعور ، لا يكفّ عن تشويه صورة الوهابيين لدى الباب العالي ، وعن إثارته ضدهم ، أملا في أن يساعده الباب العالي في توجيه ضربات حاسمة لهم. ولمّا لم يستطع التغلب على حذره حمل السلاح منذ عام ١٧٩٣ م ، ومع أنه اعتمد على موارده الخاصة ، فإنه حقق بعض الانتصارات في نجد. واستمرت الخصومة عدة سنوات بين الجارين ، وكانت الحظوظ إبّان ذلك متساوية بينهما ؛ ولكن ، وفي النهاية ، وعلى الرغم من حنكة غالب العسكرية ، كان الانتصار من نصيب الوهابيين : لقد دخلوا الحجاز بقوة كبيرة ، واستولوا على الطائف في عام ١٨٠١ م وعلى مكة المكرمة في عام ١٨٠٣ م ، وكان انضباطهم مضرب المثل في المدينة المقدسة ، ولم ترتكب أي مخالفة. ولم يعان المكيون إلّا من وجوب مداومة الحضور إلى المسجد في أوقات الصلاة ، ومن حرصهم على إخفاء ملابسهم الحريرية ، ومن الامتناع عن التدخين علانية ، إلّا أنهم عوضوا عن ذلك بالتدخين كما يحلو لهم في منازلهم.
وانسحب غالب إلى جدة ، وتبعه سعود إلى هناك ، ولكن أسوار المدينة منعته من دخولها ، وبدأ المفاوضات مع الشريف ـ الأمير الذي عاد إلى مكة ، واستعاد سلطته فيها ، ولكنه لم يحصل على ذلك إلّا بعد أن اتبع المذهب الوهابي (١). وكان سعود قد استولى على المدينة المنورة ، وعامل السكان معاملة أقل احتراما من تلك التي / ١٩١ / لقيها منه سكان مكة ، فوضع في المدينة المنورة حامية وهابية ، وجرد ضريح النبي صلىاللهعليهوسلم من الأشياء الثمينة التي تبرع بها المؤمنون ، وقد حاول أيضا أن يهدم القبة العالية المقامة على الضريح ، كما قاموا بهدم كل القباب التي لم تكن تابعة للمساجد (٢). وقد قيل خطأ : إن الوهابيين ألغوا الحج : لأن النبي صلىاللهعليهوسلم شدد على تطبيق هذه الفريضة ،
__________________
(١) انظر : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ٩٢ ـ ٩٣.
(٢) دخل سعود المدينة المنورة في عام ١٢١٨ ه / ١٨٠٤ م. انظر : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ٩٣ ـ ٩٥.