هزيمة في مضيق الجديدة (١). وأجبر على التراجع إلى ينبع ، والتحق بجيشه هناك ، ونجح في السنة التالية ـ بفضل المساعدات التي تلقاها من مصر ـ أن يستولي على المدينة المنورة. ووجدت الحامية الوهابية التي ظلت معتصمة في القلعة نفسها مجبرة على الاستسلام بعد ثلاثة أسابيع من المقاومة ، وخرجت بأسلحتها وبأمتعتها بفضل عهد أمان ؛ ولكنها ما إن قطعت مئة خطوة خارج القلعة حتى انقض الأتراك عليها وسلبوها وذبحوا أفرادها. ولنتأمل ما يتمتع به العثمانيون من نية حسنة (٢)!
وقد عيّن أحد المارقين الإسكتلنديين (٣) من خدم البيك الشاب لبعض الوقت حاكما للمدينة المنورة ، ولكنّه سقط بعد ذلك قتيلا وسلاحه بيده في مواجهة الوهابيين. وسقطت أواخر السنة نفسها مكة المكرمة ثم الطائف في أيدي الأتراك الذين كان يقودهم مصطفى بيك ، صهر محمد علي ، وهو رجل
__________________
ـ (كانون الثاني) ١٨١٢ م تقدم طوسون بيك مع جنوده صوب المدينة المنورة. مواد ... ، موثق سابقا ، ص ١١٣ ، ١١٥.
(١) ممر ضيق يتراوح عرضه بين أربعين وستين ياردة في جبال وعرة شديدة الانحدار تقع على مدخلها قرية الجيدة ... وهي المستوطنة الرئيسية لقبيلة حرب. وطول الممر الضيق ساعة ونصف الساعة. مواد ... ، موثق سابقا ، ص ١١٦.
(٢) مواد ... ، موثق سابقا ، ص ١٢٣ ـ ١٢٥.
(٣) المسمى إبراهيم أغا ، وكان رئيسا للمماليك الذين مع طوسون ، وهو من إدنبره واسمه الأصلي توماس كيث ، أسر خلال الحملة الإنجليزية الأخيرة على مصر ، ثم أسلم واشتراه أحمد بونابرت ، ولجأ إلى حماية زوجة محمد علي بعد أن قتل صقيليا من خدم أحمد بونابرت ، وغضب عليه طوسون مرة وأمر بقتله إلا أنه دافع عن نفسه وهرب إلى حاميته التي أصلحت الأمر ، وأصبح بعد أن أثبت جدارته رئيسا للمماليك لدى طوسون ، وكان أحد اثنين لم يتخليا عن طوسون في الجديدة ، وقاتل ببسالة في الاستيلاء على المدينة المنورة وتربة ، وكان قد أصبح صاحب الخزانة ، ويحتل المرتبة الثانية في البلاط ، وعين حاكما للمدينة المنورة في إبريل (نيسان) ١٨١٥ ثم قتل بعد ذلك في العام نفسه في القصيم. انظر : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ١١٨ ـ ١١٩ ، وص ١٨٩.