وأعترف أن الانطباع الأول كان بعيدا كل البعد عن أن يكون إيجابيا.
زرناه في اليوم التالي في بيت مصطفى أفندي حيث كان يقيم ، ووجدنا المنزل يعج بالعرب الذين سارعوا للتسليم على شريفهم. واستقبلنا بأدب جم / ٢٠٦ / ودون أن يصل به الأمر إلى الانفتاح ، فإنه كان أقل صمتا مما كان عليه في اليوم السابق.
جاءت الشيشة والقهوة وتلاها الشراب الذي تمّ تقديمه في كؤوس كبيرة مذهبة ، وقام بعد ذلك بعض خدم المنزل بصبّ ماء الورد على أيدينا وعلى ثيابنا ، وهم يفعلون ذلك لمن يريدون إكرامهم ، وفي نهاية الزيارة فقط. وحدد يوم المغادرة بعد صلاة العصر من اليوم نفسه.
لقد سمح القنصل الفرنسي بناء على طلبي للسيد دوكيه ، موثق العقود والمترجم في القنصلية بمرافقتي ، وقد كنت مسرورا بذلك. وجدت في دوكيه مرافقا يسارع لأداء الخدمات ، مرهفا ، ومترجما متمكنا من لغة البلد المستخدمة والرسمية. كان عليّ ، لو أنه لم يكن موجودا ، الاعتماد على رفيق رحلتي ، وكنت أفضل ألا أفعل ذلك. ولمّا كان هذا الأخير يتكلم العربية لأنه كان دائم السفر إلى الشرق منذ عدد من السنوات ، وكان يزعم لنفسه خبرة عميقة بالناس والأشياء. تركت له منذ انطلاقنا من القاهرة الإدارة المادية لقافلتنا الصغيرة ، ومع أنه كان سيىء الإدارة ، وأبدى من التكبر أكثر مما هو منتظر ، فإنه في هذا اليوم استنفد صبري وصبر الشريف حامد ، ناهيك عن السيد كول ، قنصل بلاده الذي عيل صبره.
كان علينا أن ننطلق عند العصر / ٢٠٧ / ، وعند ما حلّ العصر لم يكن شيء جاهزا ؛ مع أنه لم يكن علينا أن نحمل إلّا أمتعتنا الضرورية لاستعمالنا الشخصي ، ولو فعلنا غير ذلك لعدّ ذلك إهانة للأمير المضيف الذي كان يعاملنا معاملة في غاية النبل ، ويود أن يوفر لنا كل ما نحتاجه. باختصار ، لم ننطلق إلّا عند المغرب بعد أن تبدى لي أننا لن ننطلق أبدا. ولو حصل ذلك لكان الأمر خطيرا : لأنه كان من المهم أن ننطلق في يومنا هذا ، الذي لم يكن اختياره عشوائيا ؛ فقد كان يوم خميس ؛ وهو أكثر أيام الأسبوع مناسبة لبدء