المدعوين مقام كل الأشياء الأخرى. كانت الشوكات من الحديد ولها قبضات من العاج ، والملاعق كانت من المحار المرصع بزخارف ذهبية.
كان العشاء يزخر بأنواع الأطعمة المحلية. جاء أولا الخروف الذي يعدّ من عادات الضيافة ، كان محشوا بالرز ، واللوز والفستق. ثم تلته أوراق العنب المحشوة ، والكباب ؛ وهو قطع من اللحم مربعة ومشوية على السفود ، وعصائر الورد المخثّرة المطبوخة مع صدور الفراريج أو الخراف ، أتت بعد ذلك كله تشكيلة منوعة من الحلويات تسمى «الفطير». ناهيك عن الأشياء الأخرى العجيبة ؛ كان كل ذلك متبلا بالأعشاب العطورية المقطعة في الخل ، وله صلصة بالكريما المطيبة بالتوابل ؛ وهو خليط كان يثير الرعب لدى بدر الدين حسن ؛ الحلواني المشهور في «ألف ليلة وليلة». ثم أعلن تقديم البيلاف (١) نهاية العشاء الذي جرت مراسمه بسرعة كبيرة.
كان الساقي / ٢٣٩ / يحمل دورقا ، أو قلّة ، مملوءة بالماء البارد يطوف به في كأس من الفضة يشرب الجميع منها. ولست بحاجة للقول : إن النبيذ لم يكن موجودا ؛ ولكن القائمين على خدمتنا كانوا يعرفون عادة المسيحيين ، فقالوا لنا بلطف : إنه لا ينبغي أن نخجل من ذلك إذا كنا نحمل معنا ، وقد كنا في واقع الأمر قد اتخذنا الاحتياطات لذلك ؛ إلّا أننا لم نشربه إلّا في غرفنا الخاصة احتراما لمستضيفنا.
ولمّا انتهى الطعام ، عدنا إلى المجلس لشرب القهوة والتدخين ، وفي حوالي العاشرة قادونا إلى الحر ملك في الطابق الأول حيث أعدت لنا مبالغة بالاهتمام أسرّة أوروبية. وكانت النساء قد غادرن المنزل في الصباح ليخلين لنا المكان ، ومع أنهن غائبات فإن كل شيء في البيت كان يذكّر بهن. كان هذا البيت من أجمل بيوت المدينة ، ويمتلكه تاجر غني من أصل هندي اسمه محمد سيد شمس (٢) ، وكانت أعماله في مكة المكرمة ، إلّا أنه كان في تلك الفترة
__________________
(١) البيلاف : طعام شرقي من أرز ولحم وتوابل.
(٢) قال الدكتور سليمان بن صالح آل كمال في تعقبه الدكتور آل زلفة ، موثق سابقا : «إن ـ