يسكن الطائف ، ووضع بيته تحت تصرف الشريف من أجلنا ، وذهب مع أسرته كلها إلى منزل آخر ، وكان في الأسرة ثلاثة أجيال ابنه عبد الله ، وحفيده عبد القادر الذي يذكّرني ، سنه ، وصورته ، وثيابه ، بفتى آخر يحمل الاسم نفسه ؛ إنه ابن فراج يوسف في جدة ، وقد كان هنديا مثله.
إن اسم عبد القادر الذي اكتسب شهرة واسعة في فرنسا هو اسم ولي من أكبر / ٢٤٠ / أولياء المسلمين ، وهو شائع جدا في الشرق. كانت الأجيال الثلاثة في استقبالنا عند وصولنا. ولكن ابن محمد شمس وحده هو الذي لبى دعوتنا للعشاء ، بينما ذهب الجد بسبب كبر سنه ، والحفيد بسبب صغره إلى النوم في ساعة مبكرة. وتناول الشريف حامد طعام العشاء معنا ، ولكن الشريف سليما الذي أنجز مهمته استأذن منا للذهاب إلى منزله للاستراحة. وباستثناء واحد أو اثنين من خدم المنزل ، كان الجميع قد قدموا من بيت الشريف الأكبر الذي تخلى لنا عن طباخه الخاص ، واستغنى عنه طوال مدة إقامتنا في الطائف : لقد كان فنانا حاذقا ، أصله من إستانبول ، وأخذ عنه غاسبارو عددا من وصفات الطبخ المحلية ، وحضرها لنا فيما بقي من الرحلة. وكانت طاولتنا في كل يوم عامرة بأنواع المآكل التي كانت في اليوم الأول.
وجاء في اليوم التالي القائمون على خدمتنا يتلقون رغباتنا فيما نود أن يقدم لنا في الفطور كما لو أننا كنا في بيوتنا ، ويقوم على خدمتنا خدمنا الخاص. وكان جوابنا ، أننا لا نأكل في الصباح إلّا قليلا ، فقدموا لنا في صحون صغيرة الحجم وجبة طعام خفيفة من الزبدة الفاخرة ، والجبن الطازح القليل الملح ، والفواكه ، والزيتون ، والعسل اللذيذ ، وتشكيلة من المربيات
__________________
ـ هذا البيت موقعه في محلة واسط (أي وسط القرية) بزقاق الخميس ، مبني من الحجر ويتألف من عدة طوابق. أما بيت شمس الدين فهم من الأسر المكية الثرية في ذلك العهد ، برز منهم بعض العلماء ، وكانوا يمتلكون مكتبة ضخمة. أورد ذلك عنهم الشيخ أبو الخير عبد الله مرداد رحمهالله في كتابه القيم (المختصر من نشر النور والزهر) وينسب إليهم في الطائف مسجد شمس بمحلة السليمانية. وذكر غير ذلك. وانظر : بوركهارت في رحلاته ... ، موثق سابقا ، ص ١١٩ ـ ١٢٠.