منفرد ترتفع فوقه مئذنة بيضاء.
إن لمظهر قصر الشريف بعض الأناقة ، ولا ترى العين فيه أي تناسق. وهو ليس ضخما ولا أنيقا ، إنه خليط غير متناسق من الأبنية المتجاورة بدون نظام ، والتي أقيمت بلا مخطط ، ولكن يحيط بها سور واحد ، ومن المؤكد أنه واسع من الداخل إذا احتكمنا إلى العدد الكبير من السكان الذين يضمهم بين جنباته.
ليس للشريف الأكبر إلّا امرأة واحدة شرعية ، كما هي العادة اليوم بين المسلمين ، ولكن حرمه يعج بما يقارب ستين جارية من السود أو البيض ، وعدد لا يقل عن ذلك من الخدم الذكور ، ناهيك عما يقارب مئة من الخصيان أو غيرهم مكلفين أعمالا مختلفة. أجهل عدد أبنائه ، إلا أنني لمحت أحدهم وكان حينئذ يبلغ العاشرة أو الثانية عشرة من العمر ، والذي وافته المنية بعد ذلك الحين ، وكان يرتدي ثوبا من الحرير الأصفر. يمتلك الشريف الأكبر ثروة ضخمة ؛ لأنه استرد ثروة أبيه غالب كلها ، ويزعم الناس أن في خزانته مئة مليون فرنك ، ناهيك عن أنه يتلقى منحة سنوية من إستانبول تتجاوز ٤٠٠ ألف فرنك ، ويزعمون أيضا أنه ، وهو يعيد بناء قصر والده الذي دمره / ٢٤٤ / محمد علي ، وجد بئرا مليئة بالذهب أخفاه فيها جده الشريف مساعد.
ولمّا وصلنا إلى القصر كان يجتمع هناك أكثر من ثلاث مئة بدوي ، يرتدون قمصانا زرقاء ، هي لباسهم الوحيد ، وكان أغلبهم قد وضع فوق الثوب على الكتف وشاحا أرجوانيا ، وكانت أحزمتهم من الجلد ، وحمائل سيوفهم مزينة بصفائح الفضة ، وعمامائهم مزينة بالأصداف ، لقد كانوا يشبهون في كل شيء بدو هذيل الذين رأيناهم في جبل كرا ، وكانوا ، مثل أولئك ، يحملون خناجر معقوفة ، ورماحا ، وبنادق من ذوات الفتيلة ، وكانوا جميعا حفاة ، يميلون إلى النحول. ولكنهم كانوا عموما ذوي قامات ممشوقة ، يتمتعون بالرشاقة وكأنّما قدّوا للسير والتعب. وكان بينهم كثير من السود ، الذين لا
__________________
ـ التي تقع في قبلة الطائف من قبل باب الريع.