نكاد نلحظ سواد العرب أمام سوادهم. اصطف هذا الجيش المتعدد الأعراق على جانبي الطريق لتحيتنا ، ليس كما يصطف الجيش النظامي ، ولكن بنوع من الفوضى التي تسود بين الرجال غير المنظمين. رددنا لهم التحية حسب تقاليد البلد ، دون أن نرفع أيدينا حتى الرأس لأن مثل هذا التقدير لا ينبغي إلّا للأسياد ، أو الأقران الذين نود تشريفهم. إن كل شيء في الجزيرة العربية ، كما في الشرق كله ، له قوانينه المحددة ، وكل شيء يحكمه العرف ، وإن بين أبسط أمور / ٢٤٥ / الحياة فوارق دقيقة ينبغي التقاطها للالتزام بها.
نصعد إلى القصر عبر مدخل له درج مؤلف من سبع أو ثماني درجات ، استقبلنا عنده كلّ من إبراهيم أغا الذي كنا قد عرفناه من قبل ، وكبير الخدم ، وبقية العاملين في بيت الشريف الأكبر. ووجدنا بينهم صديقنا القديم طاهر أفندي الذي كان لباسه الأوروبي يتباين تباينا واضحا مع الأثواب الفضفاضة ، والمخصّرة ، والبهية التي كان يلبسها الآخرون. كان المدخل يعج بالخدم ، وخلعنا أحذيتنا فيه كما تقتضي الكياسة. إن آداب اللياقة في هذه النقطة محكومة بقوانين هي عكس قوانيننا تماما : إن الرجل الذي يأتي المجالس في الشرق منتعلا حذاءه ، حاسر الرأس ، يترك الانطباع الذي يتركه الأوروبي إذا دخل الصالون حافي القدمين والقبعة على رأسه. ولكنني في هذه العادة أرى أن الحق مع الغربيين الذين يكشفون القسم النبيل من جسدهم (الرأس) ويغطون القسم الأدنى (القدمان).
أدخلونا مجلسا صغيرا ، بسيطا كل البساطة ؛ كان سقفه مطليا ، أمّا الجدران الداخلية فقد كانت عارية تماما ، إلّا من حسام تركي رائع ، أهداه السلطان للشريف ، مرصع بالأحجار الكريمة ، وكان معلقا على الجدار وكأنه لوحة. لقد كان الزينة الوحيدة في ذلك المجلس. كان السجاد نفيسا ، / ٢٤٦ / والأرائك من الحرير الأخضر الموشى بخيوط الذهب ، كتلك التي كانت موجودة في المنزل الذي نقيم فيه ، والتي أتت بالطبع من المصدر نفسه.
لم يكن الشريف في المجلس عند ما دخلناه ، وإليكم السبب؟ إن كونه الشريف الأكبر ، وأمير مكة المكرمة يحتم عليه ألّا ينهض لأحد إلّا للسلطان