بعض ، والتي تنتشر على أطراف المنطقة الخضراء ، ومنها تتكون قرية الزيمة التي يسكنها بدو متحضرون ، ينصرفون إلى زراعة الأرض الصالحة للزراعة ، وتربية قطعان الماشية. وينتصب على نتوء صخري ، في مكان يشرف على القرية ، حصن بني في سالف الأيام للدفاع عن المكان وحمايته ؛ وهو مهدم منذ زمن طويل ، ولا يخطر ببال أحد أن يعيد بناءه.
ما كادت القافلة تصبح على أهبة الاستعداد حتى تدفق علينا الحليب من كل حدب وصوب ، لقد جاء من البدو ، وبينهم بدويات بقين منقبات بإحكام احتراما للأشراف ؛ ولو لا وجودهم لكنّ أكثر تهاونا ، ولكنّا رأينا وجوههن بلا صعوبة. ولكنني أعتقد أننا لم نخسر شيئا إذ لم نر وجوههن ؛ لأن هيأتهن لا توحي بأنهن في سن الصبا ، وأثواب القطن الأزرق التي تتلفع بها كل / ٢٧٦ / نساء المنطقة بعيدة عن إضفاء الأناقة عليهن. طالما لا حظت فيما مضى أن روح المساواة تسود بين العرب ، ووجدت هنا دليلين آخرين على ذلك : أولهما يكمن في الطريقة التي تعامل بها العرب مع الأشراف ومعنا ؛ إنها طريقة عفوية وأبية ، ولكنها على الدوام مؤدبة ، وثاني الأدلة يكمن في السمة السلوكية التي أذكرها لكم : كان الشريف حامد يأكل معنا عادة ، ولكنه كان يمتنع عن ذلك في بعض الأحيان ، وفي هذا الصباح على سبيل المثال ، تناول فطوره قبل الانطلاق مع أحمد حمودي ، رئيس الجمّالة ، وآخرين ممن ليسوا من طبقته. لم يكن يتصرف كذلك متصنعا ، ولا سعيا إلى أن يكون له شعبية لديهم ، لقد كان يقوم بذلك ببساطة فطرية ، ولأن ذلك كان يبدو له أمرا عاديا ، متأصلا في سلوك البلد.
لقد تأخر انطلاقنا بسبب حادث مؤسف : إذ أصيب الشريف العجوز عبد المطلب بنوبة حمى شديدة جعلته غير قادر على الانطلاق ، ولا على مغادرة سجادته. كان التغير الذي اعترى قسماته يدل على اضطراب عميق في أعضاء الجسد ووظائفه. وكان هو نفسه يظن أنه يعيش ساعته الأخيرة ؛ ولكنه لمّا كان مستسلما لمصيره ، فلم يكن يصدر عنه أية شكوى أو أنين ، ولم يكن يرجو من الله إلّا أن يمنحه القوة كي يستطيع الوصول إلى أهله ليموت بينهم. كان يقول