العادة أن تعطر تلك الدوارق قبل ملئها بالماء ، وليس ذلك مناسبا ، لأنها تجعل للماء طعما غريبا لا يستسيغه الذوق.
واعتمادا على ما قلته وأعدت القول فيه ، عن لطف الشريف حامد فإنه يمكن أن نتخيل الطريقة التي استقبلنا بها في بيته. إن أولى فروض الضيافة لدى العربي ، هي أن يجعل ضيوفه يأكلون كثيرا ، وينبغي على الضيوف مجاملته ، والأكل من كل أصناف الطعام التي يقدمها لهم ، ولو كان عليهم أن يرتكبوا عشر مرات في اليوم خطيئة الشره وقد أفرط الشريف في الالتزام بتلك العادة. كان الخروف المحشو بالرز واللوز الذي قدموه لنا في العشاء هائلا ؛ ولم يكن خروفا الفطور والغداء بأقل من ذلك ، ناهيك عن عدد كبير من الأكلات المحلية ، والحلويات ، والمربيات ، ومسك ختام كل ذلك كمية ضخمة من الأرز واللحم والتوابل (البيلاف). / ٢٨٦ / كيف السبيل إلى الأكل بشهية في مثل هذه المأدبة؟ قدموا لنا الطعام على الطريقة المعتادة في هذا البلد ، أعني على الأرض ، وإلّا فعلى طاولة مستديرة ترتفع عن الأرض مقدار ست أصابع ، ويغطيها طبق من النحاس يسمّى : صينية ، يتحلّق المدعوون حولها ، ولم أجد ذلك مريحا ، وأقل منه راحة أيضا أن تجد نفسك مجبرا على الأكل باستخدام أصابعك دون صحون ولا فراش. وكان الإبريق يؤدي مهمته بانتظام ، لأن كل واحد من الحاضرين يغسل يديه بعناية قبل الطعام وبعده.
أجبرت مستضيفنا على أن يأكل معنا على الرغم من أنه كان يمتنع عن ذلك باعتباره ربّ المنزل ، كان لأتباعه وعبيده وخدمه مظهر حسن ، كانت تبدو عليهم جميعا علامات النظافة ، يلبسون ثيابا جميلة جدا ، وكان بعضهم ينتطق ، وهو يقوم بعمله ، الخناجر. كانوا يقومون بخدمتنا بلطف نادر ، مقتدين في ذلك بسيدهم.
كان صباح اليوم التالي قائظا ، قضيته في راحة تامة. كنت قريبا جدا من الحريم ، وكنت أسمع بوضوح جلبة النساء ، ولكن دون أن ألمح أيا منهن. لا ينطق الشريف بكلمة واحدة عن أسرته ، والعرب لا يتحدثون أبدا عن حياتهم الأسرية ، وإنه لمن غير المناسب أبدا أن تتحدث معهم عن ذلك. إلّا أنني في