(شباط) الماضي ، وصرح علانية أنه لا يمكن قبوله أبدا.
إننا لا نصلح من مات ، ولكن ندفنه ؛ وإن لم يقم جيلنا بهذا الواجب فإن الجيل القادم سيقوم به. وتكمن في هذا ، المسألة الشرقية التي سبق طرحها ، والتي عالجها مونتسكيو (١) Montesquieu قبل أكثر من قرن ، وتحدث عنها مستخدما الكلمات نفسها التي نستخدمها اليوم ، واقترح لها الحلول نفسها التي نطرحها اليوم.
إن الأتراك أنفسهم ، وأعني هنا عددا قليلا منهم ؛ ممن لديهم بعد نظر ، لا يخدعون أنفسهم ، ويغمضون عيونهم عن الوضع المتهافت للإمبراطورية العثمانية ، إنهم يعرفون حق المعرفة ، المصير الذي ينتظرها في المستقبل ، ويعرفون أن تنافس القوى الأوروبية هو الذي يجعلها تحافظ على توازنها المصطنع الذي يمكن أن ينهار انهيارا لا قيام بعده ، عند أول مواجهة / ٢٩٨ / حقيقية بين تلك القوى.
لا تتخيلوا أن الأتراك يكنون لفرنسا وبريطانيا أي اعتراف بالجميل : إنهم مقتنعون أن البلدين يقفان في وجه القوة الروسية سعيا لمصالحهما الخاصة ، وليس لمصلحة تركية. إن الحماية التي تجعلهم تبعا تحطم كبرياءهم ، وإن كان ضعفهم يجبرهم على إخفاء حقدهم ، فإن هذا الحقد عميق ، وعاجز ، ومنكمش على ذاته. أما عامة الشعب التي لا تعرف شيئا ، ولا تفهم شيئا مما يحدث فإنهم يخدعونهم بحكايات سخيفة : فيجعلونهم على سبيل المثال يعتقدون أن السلطان أجبر فرنسا وبريطانيا على مساعدته ضد الروس دفاعا عن العلم التركي ، وقد سمعت بنفسي هذه الحماقة تتكرر مئة مرة في كل أنحاء تركية التي زرتها.
لنفترض أن الأتراك استطاعوا في القرن السادس عشر ، أو بعد ذلك في القرن السابع عشر ، وقبل انتصار سوبيسكي (٢) Sobieski ، أن يفتحوا أوروبا ،
__________________
(١) مونتسكيوMontesquieu (١٦٨٩ ـ ١٧٥٥ م) : كاتب وفيلسوف سياسي فرنسي ، أشهر آثاره «روح القوانين L\'Esprit des Lois» (عام ١٧٤٨ م).
(٢) Sobieski , (Jean lll) سوبيسكي ملك بولونيا (بولندا) ولد عام ١٦٢٩ م ، وتوفي قرب ـ