ذلك ، لأن المارة قلة نادرة ، ولأنه ينبغي العلم أن ثمانية من تلك البارات الهزيلة التي تتلهف للحصول عليها ، لا تكاد تساوي فلسا من العملة الفرنسية.
إن أي حدث يعدّ في الصحراء ظاهرة ، أقل حدث في السماء أو الأرض يخطف الأبصار ويأسر النظر ، / ٩ / انطلاقا من الجنبةArbuste المنفردة التي تأخذ على البعد حجم شجرة عملاقة ، حتى السحب التي تمر فوق الشمس ، والتي ينساب ظلها الخفيف كأنه كائن حي على صفحة الرمال المستوية والمتوهجة. ما زلت أذكر ذلك الأثر الآسر الذي أحدثته في ذلك اليوم رؤية بدوي يمتطي جمله بجلال ، ويتدلى من رحله العالي المغطى بسجادة وجرابان لهما حشفات طويلة وكبيرة من الحرير الأحمر ، وكانت تتأرجح بانتظام حسب خطوات الحيوان المنتظمة وكأنها رقاص ساعة الحائط. وقد رأيت في اللحظة التي تليها منظرا مناقضا وكأنه رسم كاريكاتوري (ساخر) للوحة الرائعة الأولى : رأيت جملا هزيلا يجر متثاقلا عربة قديمة ؛ لكأنني كنت أرى علائم الدهشة بادية على ذلك الجمل المسكين بسبب عمله الذي لم يعتده! لم تكن عجلتا العربة ذواتي شكل دائري بل كانتا بيضاويتين ، وتصدران جلبة وصريرا تحت الجازع. لقد كانت تلك الآلة البشعة ، وهي تقليد غير متقن لعربات النقل ، تحتك بقائمتي ذلك الحيوان المسكين ، وتعيق حرية الحركة لديه حتى إنه لم يكن يتمكن من السير إلا بصعوبة وبارتباك يبعث على الضحك. ما أوسع الشقة بين هذا التجديد البربري والغبي ، وبين المظهر الرائع الذي يبدو عليه الجمل وقد علاه الأعرابي حسب وظيفته المعتادة في الطبيعة. / ١٠ /.
كان هناك أيضا منظر أكثر إثارة للاشمئزاز ، إنه منظر جيف الجمال المنتشرة على الطريق ، بعضها أكلت الحيوانات اللاحمة نصفها ، وبعضها الآخر أفسدته الشمس. عند ما يصل الجمل إلى مرحلة الإرهاق يسقط بما يحمله ، ولا تستطيع قوة إنسانية أن تجعله يقف على قدميه ثانية ؛ عندئذ يوزّع حمله على الجمال الأخرى التي ما زالت تحتفظ بقوتها ، ويترك الجمل لمصيره المحتوم : يموت من الجوع في المكان الذي سقط فيه ، ويصبح بعد موته بقليل طعاما للضباع والنسور.