العرب / ٣٤ / على مكان هلاكه ، ويظنون أنه ، منذ ذلك ، مسكون بجان أشرار : لذلك لا يخاطر البحارة بقطع تلك اللجة الضحلة ليلا ، إنهم يفعلون ذلك بصعوبة في وضح النهار ، ولا يفعلونه إلّا بعد أن يصالحوا الأرواح الشريرة بأن يقوموا بممارسات خرافية.
إننا هنا في قلب الذكريات الموسوية. فهناك غير بعيد على الأرض حمام طبيعي يحمل اسم نبي بني إسرائيل ؛ حمام سيدنا موسى (١) ، وقد تركنا وراءنا عينا مشهورة تحمل اسمه أيضا. عيون موسى (٢) ، وتبدو بيضاء اللون على الشاطىء في وسط أشجار النخيل. ومن هذه العيون تتزود مدينة السويس بماء الشرب كما ذكرنا سابقا. وهو مكان يقصده المسافرون. لقد زارها نابليون بونابرت نفسه إبّان إقامته في مصر ، دون أن يمضي في التقضي أبعد من ذلك. ويروى أنه فوجىء خلال عودته بالمدّ ، وتعرّض لخطر حقيقي عند ما غمر الماء حصانه حتى بطنه ، ولم ينج من هذه العثرة إلّا بمساعدة البدو الذين سارعوا إلى مساعدته. لنفترض أن إمبراطور المستقبل هلك هنا ، ولنتصور التغيير الذي كان سيحدث في مصير العالم! يا له من مجال مفتوح لتخمينات (٣)! وينتصب
__________________
(١) ويقع في جبل صغير على خليج السويس على أربعة أميال من مدينة الطور فيه سبعة ينابيع كبريتية ... وبقرب هذا الجبل ميناء «أبو صويرة» ، انظر : تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها ، نعوم بك شقير ، دار الجيل ، بيروت ١٤١١ ه / ١٩٩١ م ، ص ٣٤. وسنشير إليه ب «تاريخ سيناء ...».
(٢) عيون موسى : وهناك ميناء على ثمانية أميال من السويس ، فيه محجر صحي قديم ، انظر : تاريخ سيناء ... ص ١٥. وانظر : رحلة بيرتون ، موثق سابقا ، ج ١ ، ص ١٦٦ ـ ١٦٧.
(٣) جاء في كتاب : الحملة الفرنسية في مصر ، بونابرت والإسلام ، هنري لورنس وآخرون ، ترجمة بشير السباعي ، سينا للنشر ، القاهرة ١٩٩٥ ، ص ٣٠٨ : «وفي السويس ، يتحدث بونابرت مع قباطنة سفن البحر الأحمر ، وهو يبشر آنذاك باستئناف العلاقات التجارية خاصة مع الحجاز. والحادث المهم الوحيد هو أن القائد وعددا من رفاقه الذين يضلون طريقهم خلال ليلة ٢٨ ديسمبر ، يفلتون بصعوبة من الغرق ، حيث يصعد مد البحر بسرعة بالغة في تلك المنطقة. وهو يشير بنفسه إلى أن ذلك ـ