الركوب بين الخيل التي تجر العربات ، ولا يتميز منها إلّا بدقة أعضائه ، وبكرم نسبه. نمتطي الأول ، أما الثاني فيستخدم لحمل الأمتعة. إن الجمل بطيء الحركة ثقيلها ، وصعب المراس ، ويهتز جسمه في أثناء سيره اهتزازات مزعجة جدا ، تسبب في غالب الأحيان دوارا كدوار البحر لأولئك الذين لم يعتادوا ركوبه ؛ أما الهجان فإنه ، على العكس مما سبق ، ذو خطوة واثقة ومريحة ، وسيره لطيف ، وإذا أحسن تدريبه فإن راكبه يستطيع في أثناء سيره تناول فنجان من القهوة دون أن تسكب منه نقطة واحدة ، وهو سريع / ٤٤ / ، يستطيع قطع ما يربو على أربع مراحل في اليوم ، دون أكل أو شرب. ويمضي الخيال العربي إلى أبعد من ذلك ، فيزعم أن الهجان الأصيل يقطع أربعا وعشرين مرحلة في اليوم الواحد. كانت المرة الأولى التي أمتطي فيها هجانا ، لذلك بدوت منفعلا بعض الانفعال ، خصوصا أن الهجان الذي كان مخصصا لركوبي كان طويل الساقين ، وكان رحله يشبه كل الشبه أرحل البدو الذين قابلتهم في صحراء السويس ، وكان له جرابان طويلان يتدليان على الجانبين. كان الرحل نفسه عاليا علوا كبيرا ، وكان ، كالمعتاد ، موضوعا في أعلى السنام مما يجعله أكثر علوا أيضا. كنت على بعد عشرة أقدام من الأرض. ناهيك عن أن الرحل العربي عريض ، ولا يمكن الركوب عليه برجلين متدليتين ، ولا نستطيع الاستواء عليه إلّا جلوسا ، والقدمان ممدودتان إلى الأمام على عنق الحيوان ، وليس لتوجيه الحيوان الوجهة التي تريدها ، إلا مجرد زمام. ولمّا أنهيت رحلة الصعود ، ورأيتني معلقا في هذا العلو ، ولجة عميقة على يميني ، وأخرى على يساري ، تساءلت إن كنت لن أصاب بالدوار؟ وشعرت بأنني غير مستقر على قاعدتي ، وأنني سأقع منذ الخطوة الأولى. لم تكد تلك الآلة المخيفة تبدأ السير حتى فقدت / ٤٥ / توازني تماما ، وإن كنت لم أقع فلأنني تمسكت بقربوسي الرحل اللذين يؤديان للمبتدئين بركوب الهجن خدمة جلى ، وأحدهما مثبت في مقدمة الرحل ، والثاني في مؤخرته ، ويبلغ طولهما قدما واحدا. لم تدم فترة تدريبي زمنا طويلا ، وسرعان ما اعتدت على ركوبي الجديد ، حتى أصبح بإمكاني إناخته عند ما أريد النزول ، وإنهاضه بعد الصعود دون أن أكون ،