الشيشة المعمّرة ، والماء البارد حسب الطلب. / ٤٢ / يقدم كل ذلك صاحب المقهى بنفسه ، عن طيب خاطر ، ولكن إياك أن تطلب منه أي شيء آخر. كان بحارتنا هناك يجلسون القرفصاء ، والشيشة في أفواههم ، وكؤوس القهوة في أيديهم ؛ وكم أصبحت أثيرا لديهم ، عند ما ضاعفت لهم كمية القهوة والدخان أربع مرات ، بل عشر مرات على حسابي ، والعرب يقدرون ذلك كثيرا. لقد أصبح أولئك البحارة ، بعد أن شربوا ذلك القدر الكبير من القهوة ، ودخنوا كمية كبيرة من التنباك على حسابي ، يعرفون أنني مستعد لأن أقدم لهم دائما مثل ذلك. ويستهلك العربي كمية كبيرة من القهوة والدخان. ذكرت فيما مضى أن أحد بنود عقد استئجار السفينة الذي وقعناه في السويس بحضور كوستا ، يقضي بأن ينتظرنا المركب في الطور إلى حين عودتنا من الرحلة إلى جبل سيناء ، وحددت أيام الانتظار بخمسة. ولكي يردّ الريس على كرمي بأحسن منه قال لي راضيا : إنه لا ينبغي عليّ إرهاق نفسي ، وإن باستطاعتي القيام بالرحلة على مهل ، وإنه سينتظرني الوقت الذي يناسبني. وقد كنت قد تعلمت من التجربة ، وعلى حساب مصالحي في بعض الأحيان ، أن العربي لا يعرف الاستعجال أبدا ؛ وقد أعجبت بصبر هذا الريس المتطوع ؛ ولو كنت في مكانه ، محكوما عليّ ، شأنه ، الإقامة لأسابيع طويلة في هذا المكان النائي ، لم أكن بالتأكيد لأنظر للأمر بهذا القدر من التعقل : لأنه ليس أمام المرء في مثل هذا الجحر ، إلّا الرحيل / ٤٣ / وقد غادرته في اليوم التالي. تركنا القسم الأعظم من أمتعتنا في المركب ، يحرسه أحد الخدم ، ولكي نتخفف في أثناء السفر ، لم نحمل معنا إلا ما لا يمكن الاستغناء عنه ؛ فتقلصت قافلتنا نتيجة ذلك إلى ستة جمال ، منهما اثنان من الهجن ، أو يزعم أنهما كذلك. لقد علموني في طفولتي ، وما زالوا على الأرجح يعلمون الأطفال حتى اليوم ، أن للهجان سنامين في حين أن الجمل ليس له إلا سنام واحد ؛ وقد رأيتها مرسومة كذلك في عدد كبير من كتب التاريخ الطبيعي ، وهذا خطأ : ليس للنوعين إلّا سنام واحد ، ولا وجود في أي مكان ، كما أعلم ، إن لم يكن في التبت ، لحيوان من هذا النوع ، له سنامان. إن مقام الهجن بين الجمال كمقام فرس