عسير ، التي قدرتها بعض المصادر سبع عشرة حملة ، من خبراء فرنسيين إضافة إلى غيرهم من خبراء أوروبيين من جنسيات أخرى ، لا يزال مع الأسف بعيدا عن اهتمام الباحث السعودي ، ولم ينفض عنها الغبار حتى هذا التاريخ ، وسيكون لكشفها أثر بالغ في سد ما زال ناقصا من كتابة تاريخنا الوطني ، وإجلاء ما زال غامضا في بعض فتراته. كما أنه لم يترجم أي من أعمال المؤرخين ، أو الجغرافيين الفرنسيين المتعلقة بالجزيرة العربية ، ما عدا كتابا واحدا هو كتاب إدوارد جوان الذي جاء مشتملا على فصول ممتعة ومهمة لحملات محمد علي المبكرة على الجزيرة العربية. لقد تمت ترجمته إلى اللغة العربية ، وطبع في القاهرة عام ١٩٣١ م. ولكنه أصبح في عداد الكتب النادرة» (١).
نقلت هذا النص الطويل تأكيدا لما قلته : من انصراف الباحثين في تاريخ الجزيرة العربية عن المؤلفات الفرنسية ، والوثائق الفرنسية على اختلاف أنواعها ومشاربها.
ومن المفارقات اللطيفة ، أن الكتاب الذي مهد الطريق لمؤلفات كثير من الغربيين عن الجزيرة العربية ، وعرّفها ، كتب بالفرنسية ، وترجم في وقت مبكر نسبيا إلى اللغة العربية ، أعني كتاب جاكلين بيرين ، اكتشاف جزيرة العرب ، خمسة قرون من المغامرة والعلم (٢) ، وعلى الرغم من ذلك ، فقد ظل الاهتمام منصبا على المؤلفات المكتوبة بالإنكليزية.
وما دمنا في سياق الحديث عن كتاب «بيرين» : فإننا نقول : إنها تقدم فيه
__________________
(١) تاميزييه ، موريس ، رحلة في بلاد العرب ، الحملة المصرية عسير ١٢٤٩ ه / ١٨٣٤ م ، ترجمه وعلق عليه د. محمد بن عبد الله آل زلفة ، د. ن ، الرياض ١٤١٤ ه / ١٩٩٣ م ، ص ٢١ ـ ٢٢. وهو ترجمة للجزء الثاني من كتاب تاميزييه عن الإنكليزية بعد أن ترجم هذا الجزء إليها أحد المختصين ، على حساب الدكتور آل زلفة ، انظر : (ص ١٩). وقد كتبنا اسم تاميزييه كما يقتضيه اللفظ الفرنسي.
(٢) ترجم الكتاب قدري قلعجي عام ١٣٨٣ ه / ١٩٦٣ م ، وقدّم له الشيخ حمد الجاسر ، وطبعته دار الكتاب العربي في بيروت.