العظمى من الأتراك ، وهي بالإيطاليةRuffiano ، لقد كانت تلك الشتيمة هي كل التأبين الذي استحقه منه ذلك البحار الشجاع ، ولو استطاع العودة من لجة المحيط لدفنه عباس دون شك في التراب لكي يعاقبه على بطولته.
تبلغ المسافة من الطور إلى دير جبل سيناء خمسة وعشرين فرسخا ؛ وهذا يعني أن الجمل يحتاج إلى خمس وعشرين ساعة لقطعها. وإن الطريق التي كنت إن صح القول : أدشنها ، باعتباري أحد أول / ٤٩ / المسافرين عليه ، إن لم أكن أولهم ، يتجه من الشمال منحدرا نحو الشرق ؛ منطلقا من البحر ، ثم يبتعد عنه ليقترب من جبل سربال (١) ، ولو كان بالإمكان ، بدل أن يدور حول ذلك السور الطويل من الجرانيت ، أن يخترقه ، لأصبح أكثر قصرا. ولكن الأمر غير ممكن. ولا يتميز الطريق عن الأرض التي تحيط به إلّا بصلابته ؛ مما يسمح للجمال بالسير عليه بسرعة أكبر من سرعة سيرها على الرمل الذي تغوص فيه أخفافها ، على الرغم من أنها عريضة ، وليس على الطريق محطات أو عربات نقل ، كما نجد على طريق السويس ، ولا يسلكها أحد ، ولم نقابل عليها أحدا طوال يوم كامل ، أخطأت ، لقد قابلنا أحدا ، وهاكم من هو.
جماعة من البدو ، كانوا متوقفين على قارعة الطريق مع جمالهم ، ويبدو أنهم كانوا ينتظرون مرورنا ، وقد بدا ذلك واضحا ؛ إذ ما كدنا نصل إليهم حتى دار نقاش حاد بينهم وبين جمّالتنا ، ولم أستطع معرفة الموضوع الذي دار النقاش حوله بالتحديد ، توقعت فقط بسبب كلمتي جمل وتلري Talari اللتين تكررتا أكثر من مئة مرة ، أن الحديث يدور حول الجمال ، وأن القضية لها علاقة بالنقود.
ينقسم بدو الطور (الطّورة) إلى عدد من القبائل ، منها : الصوالحة
__________________
(١) أشهر جبال سيناء بعد جبل موسى ، يقع إلى الشمال من مدينة الطور والغرب من جبل موسى على نحو ثلاثين ميلا من كل منهما. انظر : تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ٣٣. وفيه ص (٤٥٤) أنه منحدر انحدارا عظيما ، ورأسه يبعد عن سفحه بعدا سحيقا ، ليس في سفحه سهل كبير أو صغير ، وليس هناك إلّا وادي فيران ، وقعره وادي عليات الآتي من جبل سربال ، وكلا الواديين ضيق.