إن هذه القلعة الدينية الضخمة محاطة بعدد من القمم ، ومحصورة بينها ، وإن لكل واحدة من تلك القمم اسما خاصا : في الشمال جبل اليهود وجبل حوريب ، وفي الجنوب جبل القديس أبيسيتموس E ? piste ? me ، ونحو الشرق جبل موسى (١) ، الذي تروي الأخبار أن مخلّص بني إسرائيل (موسى) رعى أغنام شعيب عند سفوحه ، مع أننا لا نجد أي عشب في سفوحه. ويتسع الوادي من الغرب ، وتتباعد الجبال تباعدا ملموسا لتخلي المكان لسهل واسع كل الأتساع ، وهو المكان الواسع الوحيد في تلك الانحاء الذي يتسع / ٦٩ / لعدد كبير من الناس : وربما أقام العبريون معسكرهم في هذا المكان ويشار في هذا المكان حقا إلى حجر هارون (مقام النبي هارون) الذي يزعم أنه استخدم قاعدة للعجل الذهبي. إن المشهد الطبيعي في هذه الأنحاء ذو قسوة فظيعة وجلال لا نظير له. وإن قمم الجبال ومنحدراتها عارية تماما ، شأنها شأن القمم والمنحدرات التي رأيناها حتى الآن ، ولكن الشمس تلقي عليها في كل ساعات النهار ، وفي المساء على وجه الخصوص ، وفي الصباح بشكل أجمل ، أطيافا ضوئية متنوعة كل التنوع ، ورائعة كل الروعة ، حتى إنها لتعوض تعويضا تاما قحط المكان الذي لا نودّ رؤيته على أي هيئة أخرى. إن في هذه اللوحة السحرية تدرجا في الألوان لا يمكن محاكاته ، ولا يمكن وصفه.
أما جبل موسى الذي ظل مظلما ومغلفا بالضباب زمنا طويلا بعد طلوع الشمس التي تشرق من ورائه ، فإنه يشكل خلفية اللوحة ، فبينما كانت أسافله لا زالت تغوص في الظل ، كانت أعاليه مضاءة بالشمس.
أما جبلا حوريب والقديس أيبيستيموس فإنهما يصطبغان في ذلك الوقت باللون الأحمر والمعدني ، وتعكس تعرجات الصخور فيها ظلالا سوداء ظاهرة بوضوح كبير حتى إننا نخال أن الألق لا يزال يشع منها : حتى لنظن أن سيلا من الحمم البركانية ، يخرج من الفوهة يتهيأ لإحراق الدير والمنطقة كلها.
__________________
(١) في تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ٢٢٣ أنها أربع قمم وهي : جبال موسى ، والصفصافة ، والمناجاة ، وكاترينا.