تبدأ طلعة جبل سيناء أمام باب الدير : فيمر الطريق في شعب ضيق بين جبل حوريب وجبل اليهود ، ويستعمل في صعوده / ٧٠ / من أجل راحة الحجاج الذين ينبغي أن يصعدوه زحفا ، نوعا من الدرجات التي تسهّل عملية الصعود لو أنها لقيت عناية أفضل. وإن أول ما يلقانا في الصعود نبع الإسكافي (١) الذي يذكّر اسمه بحكاية أسطورية محلية. ثم نجد بعد ذلك كنيسة صغيرة (٢) مهداة إلى العذراء (مريم) التي أتت إلى هذا المكان حسب حكاية أخرى.
ونصعد بعض الدرجات أيضا فنصل إلى سهل مغلق من كل الجهات ، تحيط به قمم هائلة ، منها قمة القديسة كاترين التي ترتفع إلى ما لا يقل عن ٨٥٠٠ قدم عن سطح البحر الأحمر. ولا تقل قمتا حوريب وسيناء عن هذه ارتفاعا ؛ وإن هذا الارتفاع هو الحد الذي تظل بعده الثلوج موجودة أبدا ، على المرتفعات في المناطق الشمالية. ومن أي جهة نظرنا ، وإلى أبعد ما يستطيع النظر الوصول ، لا نرى إلا كتلا من الجرانيت الأمغر ، والوعر ، والأجرد ؛ كما
__________________
(١) انظر ، تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ٢٢٤.
(٢) هي كنيسة الأقلوم كما جاء في كتاب تاريخ سيناء ، موثق سابقا ، ص ٢٢٤. يقول : «وفي تقاليد الرهبان الروائية : أنه في إحدى السنين اشتد الجوع في الجزيرة وانقطع الزاد عن الرهبان فاتفقوا على ترك الدير والالتجاء إلى مدينة الطور فرارا من الجوع فصعدوا إلى قمة جبل موسى لأداء الزيارة قبل الرحيل ، وتأخر الأقلوم في الدير فأقفل الأبواب وسلّم المفاتيح إلى شيخ أولاد سعيد بحضور مشايخ الجزيرة كلهم وسار في طريق قمة جبل موسى لاحقا بإخوانه. فلما وصل هذا المكان تجلت له مريم العذراء وابنها الطفل على يدها وقالت له : «اذهب وتمم زيارتك لقمة الجبل وعد بإخوانك إلى الدير فإن الفرج قد جاءكم» قالت ذلك وغابت عن نظره. فعاد بإخوانه إلى الدير فوجدوا إبلا كثيرة محملة حبوبا فسألوا أصحاب الإبل عمن أتى بهذه الحبوب فقالوا أتى بها شيخ جليل علاه الشيب وفتاة في منتهى الجمال وقد رافقانا إلى هذا المكان ثم اختفيا عن الأبصار. قال الرهبان : إن الشيخ والفتاة هما موسى النبي والقديسة كاترينا وقد شادوا هذه الكنيسة على اسم مريم العذراء تذكارا لتلك الحادثة العجيبة!.