وقال ـ عليه السلام ـ لهشام بن الحكم (٢٣١) في حديث . لله تسعة وتسعون اسماً ، فلو كان الاسم هو المعنى لكانّ كلّ إسم منها إلٰهاً ، ولكن الله تعالى معنى واحد تدلّ عليه هذه الأسماء (٢٣٢) .
واعلم : أنّ تخصيص هذه الاسماء بالذكر لا يدلّ على نفي ما عداها ، لأنّ في أدعيتهم عليهم السلام أسماء كثيرة لم تذكر في هذه الأسماء ، حتى أنّه ذكر أن لله تعالى ألفاً واسماً من الأسماء المقدّسة المطهّرة ، وروي : أربعة الآف (٢٣٣) . ولعلّ تخصيص هذه الأسماء بالذكر لاختصاصها بمزية الشرف على باقي الأسماء ، أو لأنّها أشهر الأسماء وأبينها معاني وأظهرها .
وحيث فرغنا من هذه العبارة الرابعة ، التي هي لأسماء العبارات الاُول جامعة ، فلنشرع في عبارة خامسة من غير ذكر المعنى ، تحتوي على كثير من الأسماء الحسنى ، ووضعتها على نسق الحروف المعجمة ، فصارت كالبرود المعلمة ، لا يضلّ سالكها ولا تجهل مسالكها ، وجعلت في غرّة كلّ اسم منها حروف النداء ، لتكون
___________________________
(٢٣١) أبو محمد هشام بن الحكم الكندي ، مولاهم بغدادي ، عين الطائفة ووجهها ومتكلّمها وناصرها ، أجمع الأصحاب على وثاقته وسموّ قدره ، فتق الكلام في الإمامة وهذّب المذهب بالنظر ، كان حاذقاً بصناعة الكلام حاضر الجواب عظيم الشان رفيع المنزلة من أرباب الاُصول ، له نوادر وحكايات ولطائف ومناظرات ، روي عن الصادق عليه السلام أنّه قال في حقّه : هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده ، وعن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ حين سئل عنه : رحمه الله ما كان أذبّه عن هذه الناحية ، وكان رحمه الله كسابقه من العظماء لم يسلم من الأكاذيب والأباطيل والافتراءات عليه ، حتى نسب إليه الشهرستاني في الملل والنحل ١ : ١٦٤ الفرقة الهشامية ، ونسب إليه القول بالتشبيه ، ولكنّه كان عبداً صالحاً ناصحاً اُوذي من قبل أصحابه حسداً منهم له كما روي عن الرضا ـ عليه السلام ـ ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن موسى ـ عليهما السلام ـ ، توفي سنة ١٧٩ بالكوفة في أيام الرشيد على قول الكشّي ، وسنة ١٩٩ ببغداد على قول النجاشي ، وبعد نكبة البرامكة بمدة يسيرة مستتراً على قول الشيخ .
رجال النجاشي : ٤٣٢ ، رجال الكشّي ٢ : ٥٢٦ ، رجال الشيخ : ٣٢٩ ، الفهرست : ١٧٤ ، رجال العلّامة : ١٧٨ ، سفينة البحار ٢ : ٧١٩ .
(٢٣٢) التوحيد : ٢٢٠ حديث ١٣ ، وفيه « . . . لله ـ عزّ وجلّ ـ تسعة وتسعون اسماً فلو كان الاسم هو المسمّى لكان كلّ اسم منها هو إلٰهاً ، ولكن الله ـ عزّ وجلّ ـ معنى يدلّ عليه بهذه الأسماء وكلّها غيره » .
(٢٣٣) عوالي اللآلي ٤ : ١٠٦ حديث ١٥٧ .