هُوَ » (١٢٨) .
واللام : تنبيه على إلهيّته . وهما مدغمان لا يظهران ولا يسمعان ، بل يكتبان ، فإدغامهما دليل لطفه ، والله تعالى لا يقع في وصف لسان ولا يقرع الأذان ، فإذا فكّر العبد في إنّيّة الباري تعالى تحيّر ولم يخطر له شيء يتصوّر ، مثل لام الصمد لم تقع في حاسة ، وإذا نظر في نفسه لم يرها ، فإذا فكّر في أنّه الخالق للأشياء ظهر له ما خفي ، كنظره إلى اللام المكتوبة .
والصاد : دليل صدقه في كلامه ، وأمره بالصدق لعباده .
والميم : دليل ملكه الذي لا يحول ، وأنه ملك لا يزول .
والدال : دليل دوامه المتعالي عن الزوال (١٢٩) .
بمعنى ، غير أن القدير مبالغة في القادر (١٣٠) ، وهو الموجد للشيء اختياراً من غير عجز ولا فتور .
___________________________
(١٢٨) آل عمران ٣ : ١٨ .
(١٢٩) التوحيد ٩٠ ـ ٩٢ حديث ٥ ، مجمع البيان ٥ : ٥٦٦ ، باختلاف .
(١٣٠) في هامش ( ر ) : « والقدير [ الذي ] قدرته لا تتناهي ، فهو أبلغ من القادر ، ولهذا لا يوصف به غير الله تعالى ، والقدرة هي التمكن من إيجاد الشيء ، وقيل : قدرة الإنسان : هيئة يتمكن بها من الفعل ، وقدرة الله تعالى : عبارة عن نفي العجز عنه ، والقادر : هو الذي إن شاء فعل وإن شاء ترك ، والقدير : الفعّال لما يشاء على ما يشاء ، واشتقاق القدرة من القدر ، لأنّ القادر يوقع الفعل على مقدار ما تقتضيه مشيّته ، وفيه دليل على أن مقدور العبد مقدور لله تعالى ، لأنه شيء وكلّ شيء مقدور له تعالى ، قاله البيضاوي في تفسيره . وقال الطبرسي ـ قدّس الله سرّه ـ في كتابه مجمع البيان في قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير [ ٢ : ٢٠ ] ) إنّه عام ، فهو قادر على الأشياء كلّها على ثلاثة أوجه : على المعدومات بأن يوجدها ، وعلى الموجودات بأن ينفيها ، وعلى مقدور غيره بأن يقدر عليه ويمنع منه ، وقيل : هو خاص في مقدوراته دون مقدور غيره ، فإن مقدوراً واحداً بين قادرين لا يمكن ، لأنّه يؤدّي إلى أن يكون الشيء الواحد موجوداً معدوماً في حالة واحدة ، ولفظة كلّ قد تستعمل في غير العموم ، نحو قوله تعالى : ( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا [ ٤٦ :٢٥ ] ) يعني : تهلك كلّ شيء مرّت به من الناس والدواب والأنعام ، لا من غيرهم . منه رحمه الله » .
اُنظر : أنوا ر التنزيل وأسرار التأويل ١ : ٣٠ ـ ٣١ باختلاف ، مجمع البيان ١ : ٥٩ باختلاف .