حذّركم معاذ؟ قال : حذرنا زيغة الحكيم ، وقال : إنّ الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على فم الحكيم ، وقد يقول المنافق كلمة الحق ، ثم قال له : ارمم نفسك ، أو أرصم نفسك ـ شك يزيد ـ فو الله ما أنت إلّا أحد الثلاثة : مؤمن ، أو كافر ، أو منافق ، ثم قال : يرحم الله معاذ بن جبل ، ثم ما زال بعد لينا مقاربا في المجلس.
ورواه معبد عن يزيد.
أخبرناه أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن محمّد ، نا محمّد بن سعد ، أنا حمّاد بن عمرو النصيبي ، نا زيد بن رفيع ، عن معبد الجهني ، عن يزيد بن عميرة السّكسكي وكان تلميذا لمعاذ أن معاذا أمره أن يطلب العلم من أربعة : عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن سلام ، وسلمان الفارسي ، وعويمر أبي الدّرداء.
وأخبرناه بتمامه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو محمّد أحمد بن علي بن الحسن ، وأبو طاهر أحمد بن محمّد بن إبراهيم ، قالا : أنا إسماعيل بن الحسن بن عبد الله ، ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ، نا موسى بن خاقان ، نا حمّاد بن عمرو ، عن زيد بن رفيع ، عن معبد الجهني قال : جاء رجل يقال له يزيد بن عميرة السكسكي ، وكان تلميذا لمعاذ بن جبل ، فلمّا حضرت معاذا الوفاة قعد يزيد عند رأسه يبكي ، فنظر إليه معاذ فقال : ما يبكيك؟ فقال له يزيد : أنا والله ما أبكي لدنيا كنت أصيبها ، ولكني أبكي لما فاتني من العلم ، فقال له معاذ : إنّ العلم كما هو لم يذهب ، فاطلب العلم بعدي عند أربعة : عند عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن سلام الذي قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هو عاشر عشرة في الجنّة» [١٣٢٩١] ، وعند عمر ، ولكن عمر يشتغل عنك ، وعند سلمان الفارسي ، قال : فقبض معاذ ولحق يزيد بالكوفة ، فأتى مجلس عبد الله بن مسعود وهو ليس ثمّ ، فجعلوا يتذاكرون الإيمان ، فقال بعضهم : لو شهدت أنّي مؤمن لشهدت أنّي في الجنّة ، فقال يزيد : فأنا أشهد أنّي مؤمن ولا أشهد أنّي في الجنّة ، قال : فجاء عبد الله بن مسعود على ذلك الحال (١) ، فقالوا : يا أبا عبد الرّحمن ، ألا تسمع إلى ما يقول هذا الرجل؟ قال : وأيّ شيء يقول؟ قال : يشهد أنه مؤمن ولا يشهد أنّه في الجنّة ، فقال ابن مسعود ليزيد : وكذلك؟ قال : نعم ، قال :
__________________
(١) بالأصل وم : «من الحال» والمثبت عن «ز».