محمّد بن عبد الله بن خميرويه ، نا الحسين بن إدريس ، أنا محمّد بن عبد الله بن عمّار ، نا أبو معاوية الضرير ، نا أبو إسحاق الخميسي قال : كان يزيد الرّقاشي يبكي حتى تسقط أشفار عينيه (١).
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد ، أنا أحمد بن محمّد بن عمر ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد بن الحسين ، حدّثني محمّد بن عبد الله الرّقاشي قال (٢) : سمعت معتمرا يقول : قال يزيد الرّقاشي : أتروني أتهنّأ بالحياة أيام الدنيا ، وأنا أعلم أن الموت مصيري؟ قال : وقد كان بكى حتى تساقطت أشفاره.
قرأت على أبي الحسين بن كامل ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين (٣) بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد بن الحسين (٤) ، حدّثني زهدم بن الحارث ، نا عبد الله بن رجاء ، عن هشام بن حسّان قال : بكى يزيد الرّقاشي أربعين عاما حتى تساقطت أشفاره (٥) ، وأظلمت عيناه ، وتغيّرت مجاري دموعه.
قال : وحدّثني محمّد بن الحسين ، نا عبيد الله بن محمّد ، نا إسماعيل بن ذكوان قال : كان يزيد الرّقاشي إن دخل بيته بكى ، وإن شهد جنازة بكى ، وإن جلس إليه إخوانه بكى وأبكاهم ، فقال له ابنه يوما : كم تبكي يا أبة؟ والله لو كانت النار خلقت لك ما زدت على هذا البكاء؟ فقال : ثكلتك أمك يا بني ، وهل خلقت النار إلّا لي ولأصحابي ولإخواننا من الجنّ ، أما تقرأ يا بني : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ)(٦) ، أما تقرأ يا بني : (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ)(٧) فجعل يقرأ عليه حتى انتهى (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ)(٨) فجعل يجول في الدار ، ويصرخ ، ويبكي حتى غشي عليه ، فقالت (٩) أمّه : يا بني ، ما أردت بهذا (١٠) من أبيك؟ قال : أي والله إنّما أردت أن أهوّن عليه ، لم أرد أن أزيده حتى يقتل نفسه (١١).
__________________
(١) حلية الأولياء ٣ / ٥١.
(٢) من طريقه رواه المزي في تهذيب الكمال ٢٠ / ٢٧٧.
(٣) تحرفت بالأصل إلى : الحسن ، والتصويب عن «ز» ، وم.
(٤) رواه المزي في تهذيب الكمال من طريق محمّد بن الحسين البرجلاني ٢٠ / ٢٧٧.
(٥) من أول الخبر إلى هنا مكرر بالأصل.
(٦) سورة الرحمن ، الآية : ٣١.
(٧) سورة الرحمن ، الآية : ٣٥.
(٨) سورة الرحمن ، الآية : ٤٤.
(٩) بالأصل : فقال. خطأ ، والمثبت عن «ز» ، وم.
(١٠) بالأصل وم و «ز» : بدا.
(١١) رواه المزي في تهذيب الكمال ٢٠ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨.