وقد وقعا في زوال (١) خوفا من الله تعالى وهما يقولان : إلهنا وخالقنا وسيّدنا لا تعذّبنا بعذاب عبادك المشركين وأنت تعلم طاعتنا والجهد فينا وسرعتنا لمضي أمرك وأنت علّام الغيوب ، فيقول الله تعالى : صدقتما ولكنّي قضيت في نفسي أنّي أبدأ وأعيد وأنّي خلقتكما من نور عزّتي فيرجعان إليه فيبرق كلّ واحد منهما برقة تكاد تخطف الأبصار ويختلطان بنور العرش فينفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلّا ما شاء الله تعالى ، ثمّ ينفخ فيه اخرى فإذا هم قيام ينظرون فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
قال الراوي : فبكى علي عليهالسلام بكاء شديدا حتّى بلّ لحيته بالدموع ثمّ انحدر عن المنبر وقد أشرفت الناس على الهلاك من هول ما سمعوه.
قال الراوي : فتفرّقت إلى منازلهم وبلدانهم وأوطانهم وهم متعجّبون من كثرة فهمه وغزارة علمه وقد اختلفوا في معناه اختلافا عظيما. وهذا ما انتهى إلينا من خطبة البيان والحمد لله ربّ العالمين (٢).
النسخة الثانية من خطبة البيان : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله بديع السماوات وفاطرها وساطح المدحيات وقادرها وموطد (٣) الجبال وثاغرها ومفجّر العيون وباقرها ومرسل الرياح وزاجرها وناهي القواصف وآمرها ومزيّن السماء وزاهرها ومدبّر الأفلاك ومسيّرها ومقسم المنازل ومقدّرها ومولج الحنادس ومنورها ومحدث الأجسام ومقرّرها وباري النسم ومصوّرها ومنشئ السحاب ومسخّرها ومكوّر الدهور ومكرّرها ومورد الامور ومصدرها وضامن الأرزاق ومدبّرها ومحيي الرفات ومنشرها. أحمده على آلائه وتوافرها وأشكره على نعمائه وتواترها وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة تؤدّي إلى الإسلام ذاكرها ويؤمن من العذاب ذاخرها وأشهد أنّ محمّدا عبده الخاتم لما سبق من الرسل وفاخرها ورسوله الفاتح لما استقبل من الدعوة وناشرها صلىاللهعليهوآله أرسله إلى أمّة قد شغل (٤) بعبادة الأوثان سائرها (٥) واعلنكس (٦) بضلالة دعاة الصلبان ظاهرها
__________________
(١) في بعض النسخ : زلازل.
(٢) الخطبة بطولها في نفحات الأزهار : ١٢ / ٨٠ بتفاوت.
(٣) في المصدر : ومطود.
(٤) في بعض النسخ : شعر.
(٥) في بعض النسخ : شاغرها.
(٦) المعلنكس المقيم في البلد. كتاب العين : ٢ / ٣٠٤.