وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١) عن غيبة النعماني عن محمد بن بشير قال : سمعت محمد ابن الحنفية أنّ قبل رايتنا راية لآل جعفر واخرى لآل مرداس ـ بنو مرداس كناية عن بني العبّاس ـ فأمّا راية آل جعفر فليست بشيء ولا إلى شيء ، فغضبت وكنت أقرب الناس إليه فقلت : جعلت فداك إنّ قبل راياتكم رايات؟ قال : أي والله ان لبني مرداس ملكا موطدا لا يعرفون في سلطانهم شيئا من الخير ، سلطانهم عسر ليس فيه يسر ، يدنون فيه البعيد ويقصون فيه القريب حتّى إذا أمنوا مكر الله وعقابه صيح بهم صيحة لم يبق لهم مناد يسمعهم ولا جماعة يجتمعون إليها وقد ضربهم الله مثلا في كتابه (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً) الآية ، ثمّ حلف محمد ابن الحنفية بالله أنّ هذه الآية نزلت فيهم فقلت : جعلت فداك لقد حدّثتني عن هؤلاء بأمر عظيم فمتى يهلكون؟ فقال : ويحك يا محمد إنّ الله خالف علمه علم الموقّتين ، وإنّ موسى وعد قومه وكان في علم الله زيادة عشرة أيّام لم يخبر بها موسى فكفر قومه واتخذوا العجل من بعده لما جاز عنهم الوقت ، وإنّ يونس وعد قومه العذاب وكان في علم الله أن يعفو عنهم وكان من أمره ما قد علمت ، ولكن إذا رأيت الحاجة قد ظهرت وقال الرجل بتّ بغير عشاء حتّى يلقاك الرجل بوجه ثمّ يلقاك بوجه آخر قلت هذه الحاجة قد عرفتها فما الاخرى وأي شيء هي؟ قال : يلقاك بوجه طلق فإذا جئت تستقرضه قرضا لقيك بغير ذلك الوجه فعند ذلك تقع الصيحة من قريب (٢).
الآية التاسعة : قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣) في روضة الكافي عن عبد الرحمن بن مسلمة الجريري قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام يوبّخوننا ويكذّبوننا أنّا نقول : صيحتان تكونان ، يقولون : من أين يعرف المحقّة من المبطلة إذا كانتا؟ قال : فما ذا تردّون عليهم؟ قلت : ما نردّ عليهم شيئا ، قال : قولوا : يصدّق بها إذا كانت من كان يؤمن بها من قبل ، انّ الله عزوجل يقول (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ
__________________
(١) سورة يونس : ٢٤.
(٢) غيبة النعماني : ٢٩٠ باب ما جاء في المنع عن التوقيت.
(٣) سورة يونس : ٣٥.