يقرر هذه الحالة ويوضّحها فشبّهها بحال القابض على الماء يحاول إمساكه والظفر به فيسيل ويخرج من بين أصابعه.
فالغرض من هذا التشبيه أيضا تقرير حال المشبه. ومما يلاحظ على هذا الغرض أنه لا يأتي إلا حينما يكون المشبه أمرا معنويا ، لأن النفس لا تسلّم بالمعنويات تسليمها بالحسيّات ، ومن أجل ذلك تكون في حاجة إلى الإقناع.
وأغراض التشبيه الأربعة السابقة ، وهي : بيان إمكان وجود المشبّه ، وبيان حاله ، وبيان مقداره ، وتقرير حاله ، تقتضي أن يكون وجه الشبه في المشبّه به أتم وهو به أشهر ؛ إذ على تمام وجه الشبه في المشبه به واشتهاره به يكون حظ التشبيه في تحقيق الغرض بالنسبة للمشبّه.
* * *
٥ ـ تزيين المشبّه : ويقصد به تحسين المشبّه والترغيب فيه عن طريق تشبيهه بشيء حسن الصورة أو المعنى.
ومن أمثلة ذلك قول الشريف الرضي :
أحبّك يا لون الشباب لأنني |
|
رأيتكما في القلب والعين توأما (١) |
سكنت سواد القلب إذ كنت شبهه |
|
فلم أدر من عزّ من القلب منكما؟ |
فالشريف الرضي في قوله : «سكنت سواد القلب إذ كنت شبهه» يشبّه حبيبته بحبة القلب السوداء التي هي مناط الحياة في الإنسان. فالغرض من التشبيه هنا تزيين المشبه وبيان أن منزلته في نفس الشاعر منزلة المشبّه به.
__________________
(١) التوأم من جميع الحيوان : المولود مع غيره في بطن إلى ما زاد ، ذكرا كان أو أنثى ، أو ذكرا مع أنثى. ويقال : هما توأمان ، وهما توأم ، والمراد بالتوأم في هذا البيت النظيران.