ولما كان الكلام السابق مجملا فإنّا نورد فيما يلي طائفة من الأمثلة ثمّ نعقب عليها بالشرح والتحليل توضيحا لحقيقة هذا الضرب من المجاز.
الأمثلة :
١ ـ أعمير إنّ أباك غيّر رأسه |
|
مرّ الليالي واختلاف الأعصر |
٢ ـ بنى خوفو الهرم الأكبر.
٣ ـ ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا |
|
ويأتيك بالأخبار من لم تزود |
٤ ـ يغنّي كما صدحت أيكة |
|
وقد نبّه الصبح أطيارها |
٥ ـ قال تعالى : (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً؟.)
٦ ـ قال تعالى : (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا.)
٧ ـ تكاد عطاياه يجنّ جنونها |
|
إذا لم يعوّذها برقية طالب |
فإذا تأملنا المثال الأول رأينا أنّ المجاز العقلي هو قول الشاعر : «غيّر رأسه مرّ الليالي» ، ومعنى غير رأسه ، أي لوّن شعر رأسه فحوله من السواد إلى البياض ، وقد أسند تغيير لون الرأس إلى مرور الليالي وتواليها وهذا لا يشيب ، وإنّما الشيب يحدث عادة من ضعف في أصول الشعر ومواطن غذائه. ولكن لما كان مر الليالي وتعاقبها سببا في هذا الضعف أسند تغيير لون الشعر إلى مر الليالي. ففي الإسناد مجاز عقلي علاقته السببية.
كذلك إذا تأملنا المثال الثاني وجدنا أنّ الفعل «بنى» قد أسند إلى غير فاعله ، فإنّ خوفو لم يبن وإنما الذين بنوا هم عماله ، ولما كان خوفو سببا في البناء أسند الفعل إليه. ففي الإسناد هنا مجاز عقلي علاقته السببية أيضا.
وإذا نظرنا إلى المثال الثالث وجدنا الفعل «ستبدي» أسند إلى «الأيام» أي أسند إلى غير فاعله الحقيقي. لأنّ فاعله الحقيقي هو «حوادث