الحكمي أو العقلي ـ أن يكون للفعل فاعل في التقدير إذا أنت نقلت الفعل إليه عدت به إلى الحقيقة ، مثل إنك تقول في «ربحت تجارتهم» : ربحوا في تجارتهم ... فإن ذلك لا يتأتى في كل شيء.
ألا ترى أنه لا يمكنك أن تثبت للفعل في قولك : «أقدمني بلدك حقّ لي على إنسان» فاعلا سوى «الحق». وكذلك لا تستطيع في قوله :
وصيّرني هواك وبي |
|
لحيني يضرب المثل |
وفي قول أبي نواس :
يزيدك وجهه حسنا |
|
إذا ما زدته نظرا |
أن تزعم أن ل «صيرني» فاعلا قد نقل عنه الفعل فجعل للهوى كما فعل ذلك في «ربحت تجارتهم» ... ولا تستطيع كذلك أن تقدر ل «يزيد» في قولك : «يزيدك وجهه» فاعلا غير الوجه.
فالاعتبار إذن بأن يكون المعنى الذي يرجع إليه الفعل موجودا في الكلام على حقيقته. معنى ذلك أن «القدوم» في قولك : «أقدمني بلدك حقّ لي على إنسان» موجود على الحقيقة. وكذلك «الصيرورة» في قوله : «صيرني هواك» ، و «الزيادة» في قوله : «يزيدك وجهه» موجودتان على الحقيقة.
وإذا كان معنى اللفظ موجودا على الحقيقة لم يكن المجاز فيه نفسه ، وإذا لم يكن في نفس اللفظ كان لا محالة في الحكم. فاعرف هذه الجملة وأحسن ضبطها حتى تكون على بصيرة من الأمر» (١).
__________________
(١) كتاب دلائل الإعجاز ص ١٩٣ ـ ١٩٤.