الحسي ، لاشتراك الحس والخيال في أن المدرك بهما صورة لا معنى ، وذلك كقول الشاعر :
وكأنّ محمرّ الشقي |
|
ق إذا تصوّب أو تصعّد |
أعلام ياقوت نشر |
|
ن على رماح من زبرجد (١) |
فالهيئة التركيبية التي قصد التشبيه بها هنا ، وهي نشر أعلام مخلوقة من الياقوت على رماح مخلوقة من الزبرجد لم تشاهد قط لعدم وجودها في عالم الحس والواقع ، ولكن العناصر التي تألفت منها هذه الصورة المتخيلة ، من الأعلام والياقوت والرماح والزبرجد موجودة في عالم الواقع وتدرك بالحس.
ويدخل البلاغيون في التشبيه العقلي ما يسمونه بالتشبيه «الوهميّ» ، وهو ما ليس مدركا بإحدى الحواس الخمس الظاهرة ، ولكنه لو وجد فأدرك ، لكان مدركا بها ، كما في قوله تعالى في شجرة الزقوم التي تخرج في أصل الجحيم : (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) ، وكقول امرىء القيس :
أيقتلني والمشرفي مضاجعي |
|
ومسنونة زرق كأنياب أعوال؟ |
فالشياطين (٢) والغول وأنيابها مما لا يدرك بإحدى الحواس الخمس الظاهرة ، ولكنها لو وجدت فأدركت لكان إدراكها عن طريق حاسة البصر.
__________________
(١) الشقيق : ورد أحمر في وسطه سواد ينبت في الجبال ، وتصوب : مال إلى أسفل ، وتصعد : مال إلى أعلى.
(٢) من عادة العرب أن يشبهوا كل قبيح الصورة بالشيطان لأن له صورة بشعة في توهمهم ، وأن يشبهوا حسن الصورة بالملك بفتح اللام ، لحسن صورته في توهمهم.