إلى ما لم تجر به ، والمعنى الذي يجمع الأمرين الزينة والبهجة ، ثم الهلاك ، وفيه العبرة لمن اعتبر والموعظة لمن تذكر.
ومنه قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ، تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ،) فاجتمع الأمران في قلع الريح لهما وإهلاكهما ، والتخوف من تعجيل العقوبة.
ومنه قوله تعالى : (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ ،)(١) والجامع للمعنيين الحمرة ولين الجوهر ، وفيه الدلالة على عظم الشأن ، ونفوذ السلطان.
ومنه قوله تعالى : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ، ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً ،) والجامع بين الأمرين الإعجاب ، ثم سرعة الانقلاب ، وفيه الاحتقار ، للدنيا ، والتحذير من الاغترار بها.
والوجه الثالث :
إخراج ما لا يعرف بالبديهة إلى ما يعرف بها ، فمن هذا قوله عزوجل : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ،) فقد أخرج ما لا يعلم بالبديهة وهو عرض الجنة إلى ما يعلم
__________________
(١) وردة : كوردة ، كالدهان : أصله ما يدهن به ، والمراد كالزيت الذي يغلى ، فهو تشبيه آخر قصد به أن وجه الشبه هو الذوبان والحرارة.