بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ.) والمعنى الجامع بينهما بعد التلاقي ، وعدم الانتفاع.
وكذلك قوله تعالى في حال من كذب بآياته ورفض الإيمان في كل حال «فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث» ، أخرج ما لا تقع عليه الحاسة إلى ما تقع عليه من لهث الكلب. والمعنى أن الكلب لا يطيعك في ترك اللهث على حال ، وكذلك الكافر لا يجيبك إلى الإيمان في رفق ولا عنف.
ومثله قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ ،) فالمعنى الذي يجمع بينهما الحاجة إلى المنفعة ، والحسرة لما يفوت من درك الحاجة.
والوجه الآخر :
ما لم تجر به العادة إلى ما جرت به العادة ، كقوله تعالى : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ ،)(١) والمعنى الجامع بين المشبه والمشبه به الانتفاع بالصورة.
ومن هذا قوله تعالى : (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ ، حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ ، وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً ، كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ،)(٢) هو بيان ما جرت به العادة
__________________
(١) النتق : الزعزعة والنقض والرفع ، ومعنى «نتقنا الجبل» زعزعناه ورفعناه ، والظلة : الغمامة ، والمراد بالجبل : جبل الطور.
(٢) سورة يونس ٢٤ ، اختلط به نبات الأرض : اختلط النبات بعضه ببعض بسبب الماء وجودة الأرض ، أخذت الأرض زخرفها : صار منظرها بهيجا ، وازينت : أي بأشكال ـ النبات وألوانه ، قادرون عليها : قادرون على التمتع بها ، أتاها أمرنا : نزل بها ما أمرنا به من إهلاكها ، جعلناها حصيدا : جعلنا ما على الأرض كالمحصود ، أي هالكا ، كأن لم تغن بالأمس : كأن لم يكن نباتها موجودا بالأمس.