فإذا ما اجتليتها فهباء |
|
تمنع الكفّ ما تبيح العيونا (١) |
أكل الدهر ما تجسّم منها |
|
وتبقّى لبابها المكنونا |
فهي بكر كأنها كل شيء |
|
يتمنى مخيّر أن يكونا |
في كؤوس كأنهن نجوم |
|
جاريات بروجها أيدينا |
طالعات من السّقاة علينا |
|
فإذا ما غربن يغربن فينا |
فهذا تشبيه مفرط يصفه المبرد بأنه غاية على سخف كلام المحدثين!.
٢ ـ التشبيه المصيب : ويفهم من الأمثلة التي أوردها المبرد أنه يعني به ما خلا من المبالغة وأخرج الأغمض إلى الأوضح ، كقول امرىء القيس في طول الليل :
كأن الثريا علّقت في مصامها |
|
بأمراس كتان إلى صمّ جندل (٢) |
فهذا التشبيه في ثبات الليل ، لأنه يخيل إليه من طوله كأن نجومه مشدودة بحبال من الكتان إلى صخور صلبة ، وإنما استطال الليل لمعاناته الهموم ومقاساته الأحزان فيه. وكقوله في ثبات الليل :
فيا لك من ليل كأن نجومه |
|
بكل مغار الفتل شدت بيذبل (٣) |
__________________
(١) الهباء : الذرات المنبثة التي ترى في ضوء الشمس ، وتجسم : صار جسما ، أي لم يبق من الخمر إلا روحها ، لأن الخمر إذا عتقت صفت ورقت وكاد يخفى جسمها.
(٢) الثريا : من الكواكب ، وسميت بذلك لكثرة كواكبها مع صغر مرآتها ، في مصامها : في مكانها الذي لا تبرح منه كمصام الفرس ، وهو مربطه ، والأمراس : جمع مرس وهو الحبل ، وصم : جمع أصم ، وهو الصلب ، والجندل : الصخرة ، والجمع جنادل.
(٣) مغار الفتل : شديد الفتل ، ويذبل : اسم جبل.