ومنه قول أبي طالب الرقي :
ولقد ذكرتك والظلام كأنه |
|
يوم النوى وفؤاد من لم يعشق |
فإنه لما كانت أيام المكاره توصف بالسواد توسعا ، فيقال اسودّ النهار في عيني وأظلمت الدنيا عليّ ، ولما كان المحب الغزل يفترض القسوة فيمن لم يعشق ، وكان القلب القاسي يوصف بالسواد توسعا ، تخيّل الشاعر العاشق يوم النوى وفؤاد من لم يعشق شيئين لهما سواد ، وجعلهما أعرف به ، وأشهر من الظلام فشبهه بهما.
وجه الشبه من حيث الإفراد والتعدد :
ووجه الشبه قد يكون واحدا حسيا كالحمرة والخفاء وطيب الرائحة ولذة الطعم ولين الملمس ، في تشبيه الخد بالورد ، والصوت الضعيف بالهمس ، والنكهة بالعنبر ، والريق بالعنبر ، والريق بالخمر ، والجلد الناعم بالحرير.
وقد يكون وجه الشبه واحدا عقليا ، كالجراءة في تشبيه الرجل الشجاع بالأسد ، وكمطلق الهداية في قوله صلىاللهعليهوسلم : «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم».
وقد يكون وجه الشبه متعددا حسيا ، والمراد بالتعدد هنا أن يذكر في التشبيه عدد من أوجه الشبه من اثنين فأكثر على وجه صحة الاستقلال ، بمعنى أن كل واحد منها لو اقتصر عليه كفى في التشبيه. مثال ذلك أن يقال : البرتقالة كالتفاحة في شكلها وفي لونها وفي حلاوتها ، وفي رائحتها. فلو أسقط وجهان من أوجه الشبه هذه لكفى الباقي في التشبيه للإبانة عن قصد المتكلم. وهذا هو وجه الشبه المتعدد.
والمتعدد العقلي نحو : البنت كأمها حنانا وعطفا وعقلا ولطفا.