تحول بينه وبين الشرب منه هوّة يخشى منها الهلاك على نفسه لو دنا منه ، فوقف حائرا ولكنه لا يستطيع الانصراف عن الماء ، ووجه الشبه هو صورة من يريد شيئا فتحول العقبات دونه فتدركه الحيرة ولكنه لا ييئس.
ومنه قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ ، وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ.)
فالمشبه حال من ينفق قليلا في سبيل الله ثم يلقى عليه جزاء جزيلا ، والمشبه به حال من بذر حبة فأنبتت سبع سنابل في كلّ سنبلة مائة حبة ، ووجه الشبه هو صورة من يعمل قليلا فيجني من ثمار عمله كثيرا.
* * *
أما وجه الشبه عند ما يكون غير تمثيل فهو عكس ذلك ، أي عند ما لا يكون صورة منتزعة من متعدد ، وبعبارة أخرى هو ما يكون غير مركب أي مفردا ، وكونه مفردا لا يمنع من تعدد الصفات المشتركة بين طرفي التشبيه.
ومن أمثلة التشبيه عند ما يكون وجه الشبه فيه غير تمثيل قول البحتري :
هو بحر السماح والجود فازدد |
|
منه قربا تزدد من الفقر بعدا |
فالمشبه هنا هو الممدوح والمشبه به هو البحر ، ووجه الشبه الذي يشترك فيه الممدوح والبحر هو صفة الجود.
وقول امرىء القيس :
وليل كموج البحر أرخى سدوله |
|
عليّ بأنواع الهموم ليبتلي |