رياض بنفسج خضل نداه |
|
تفتّح بينه نور الأقاح (١) |
فالمشبه صورة السماء والنجوم منثورة فيها وقت الصباح والمشبه به صورة رياض من أزهار البنفسج تخللتها أزهار الأقاحي ، ووجه الشبه هو الصورة الحاصلة من شيء أزرق انتشرت في أثنائه صور صغيرة بيضاء.
ومنه قول أبي تمام في مغنية تغني بالفارسية :
ولم أفهم معانيها ولكن |
|
ورت كبدي فلم أجهل شجاها |
فبتّ كأنني أعمى معنّى |
|
بحبّ الغانيات وما يراها (٢) |
فالمشبه هنا حال الشاعر يثير نغم المغنية بالفارسية في نفسه كوامن الشوق وهو لا يفهم لغتها ، والمشبه به حال الأعمى يعشق الغانيات وهو لا يرى شيئا من حسنهن ، ووجه الشبه هو صورة قلب يتأثر وينفعل بأشياء لا يدركها كل الإدراك.
ومنه قول شاعر في صديق عاق :
إني وإياك كالصادي رأى نهلا |
|
ودونه هوّة يخشى بها التلفا |
رأى بعينيه ماء عزّ مورده |
|
وليس يملك دون الماء منصرفا |
فالمشبه حال الشاعر مع صديقه العاق يدعوه الوفاء إلى الإبقاء على مودته ، ويدعوه ما يراه فيه من العقوق إلى قطعه ، وهو بين الأمرين حائر ، ولكنه يصغي أخيرا إلى داعي الوفاء ، والمشبه به حال عطشان رأى ماء
__________________
(١) الخضل : الرطب ، والمعنى : بعد أن انقشعت السحابة صارت السماء بين النجوم المنتشرة وقت الفجر كرياض من البنفسج المبتل بالماء تفتحت في أثنائه أزهار الأقاحي.
(٢) ورت كبدي : ألهبته ، والشجا : الحزن والطرب ، والمعنى : لم أجهل ما بعثته في نفسي من الحزن ، والمعنى : المتعب الحزين.