في عز القتال ووسط ذلك الجو الملتهب بحرارة المعركة يصلي الإمام صلاة الخوف مع أصحابه فيقف أحد الأصحاب لحمايته ويستقبل السهام بصدره دفاعا عن حجة الله على خلقه حتى إذا أصبح جسمه كالقنفذ من كثرة السهام سقط على وجه الأرض متمتما « هل وفيت يا بن رسول الله ».
وبدأ الشهداء يرتمون في أحضان الحور العين الواحد تلو الآخر ، الهاشميون وأبناء علي (ع) وأبناء الحسن ، ثم أبناء الحسين وكان آخرهم طفلا رضيعا للحسين (ع) أخرجه لهم ليجودوا عليه بقطرة ماء بعد أن صار يتلوى من العطش ، وقد جف ثدي أمه فاستقبله القوم بالسهام حتى ذبح في حجر أبيه.
وبقي الحسين وحيدا يلقي تارة نظرة إلى مخيم النساء بعد قليل سيصرن سبايا وهن بنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتارة ينظر إلى القوم الذين احتوشوه استعدادا لقتله ويبكي! سألته أخته زينب لماذا البكاء؟ قال : أبكي لهؤلاء القوم الذين يدخلون النار بسببي هل رأيتم إنسانا يبكي على عدوه الذي يظلمه؟! .. لم يكن هذا إلا من الأنبياء.
ثم قاتلهم حتى قتل ونفذوا وصايا ابن زياد ، ففصلوا الرأس عن الجسد ثم أمروا بالخيل لتطأ صدره الشريف.
هذه بعض تفاصيل رزية الأمة وما أعظمها من رزية بكت لها السماوات قبل الأرض ، وبكى لها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم ولادة الحسين (ع) ، وستظل ذكراها تدمي القلوب ، وصدق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حينما قال « إن للحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تطفأ أبدا ».
ما زالت ذكرى أبي عبد الله (ع) عند شيعته محفوظة رغما عن أنوف بعض الجهلة الذين صاروا على منابر العلماء يتحدثون عن الدين وهو منهم براء في غفلة من الناس.