كنا في الطريق غرباء أحدنا إلى الآخر. وكان من الصعب ، ونحن نرتدي الملابس الشائعة ، أن يميز الواحد منا الآخر في هذا الجمع من القوم.
وبعد أن سلكنا طريق وعرا في اليوم الأول من رحلتنا ، واجتزنا صحارى وأماكن عديدة خالية من السكان ، وصلنا عند المساء إلى قرية صغيرة توقفنا عندها ونصبنا خيامنا هناك وقد وضعنا أمتعتنا على شكل دائرة من حولنا ، ولم نضع معها دوابنا (كما جرت العادة ذلك عند وجود قافلة كبيرة) كيما نرد عنا هجمات الأعراب ليلا.
وبعد منتصف الليل بقليل سمعنا أصوات قافلة كبيرة مؤلفة من إبل وحمير ، تمر بنا وعلى مقربة جدّا منا ، ولذلك استيقظنا من النوم حين مرت بنا ، ورحنا نتعقبها في سيرنا.
وحين بان ضوء النهار شاهدنا حقولا محروثة أكثر عددا مما رأيناه في اليوم السابق ، كما شاهدنا هنا وهناك في كثير من الأماكن البهيجة خيام الأعراب وقد تلاصقت إلى بعضها البعض وبدت وكأنها معسكر ، وامتدت في شكل شوارع منتظمة.
وبعد أن واصلنا السير في مشقة ذلك الصباح وبان الكلل على دوابنا الموسقة بالأحمال من شدة الحر ، عمدنا إلى الاستراحة قليلا خلف معبد صغير لنريح أنفسنا ونطعم دوابنا.
وفي الوقت ذاته انحدرت إلينا بعض النساء الفقيرات من ربوة ، ليجمعن روث الإبل بغية استعماله وقودا بدلا من الحطب الذي كن في أمس الحاجة إليه.
وحين ولت شدة الحر ، وكنا قد مكثنا هناك مدة ساعتين ، واصلنا السير ثانية فبلغنا ، قبل حلول الظلام قرية صغيرة تقع في أحد الأودية أقام الأعراب على أرض مرتفعة قريبة منه ، مخيما كبيرا لهم. وقد صعدنا إلى